هو الاستثناء الذي يخالف القاعدة.. في التنشيط الاذاعي. رجل عاش حياته راهبا في رحاب الاذاعة الوطنية... متوتر... لا يهدأ له بال... ولا يستقر على إنجاز.. أحبّ الميكروفون فأخلص له... نذر حياته لأجل أن يكون له طابع خصوصي... متفرّد في كل ما يعدّه وينتجه ويقدمه من برامج... واختيارات موسيقية. هو صالح جغام.. الذي تمرّ اليوم 21 سنة بأيامها ولياليها عن رحيله الأبدي.. إلى دار الخلد.. في كل برامج صالح جغام.. نكهة خاصة.. ولون بطعم الصفاء والصدق والجدية.. توتره.. غضبه.. سمة بارزة في شخصيته.. وخاصية متفردة في سلوكه وعلاقته بمحيطه.. توتر محبّب إلى النفوس.. إنها خاصية صالح جغام.. على امتداد مسيرته.. عاش صالح جغام شامخا.. لا ولاء له إلا للوطن والمصدح والمستمعين.. .. حبّ صارف للاذاعة لم ينضب معينه.. الاذاعة كانت حبّه الأزلي.. كانت بيته التي لا يشعر بالراحة إلا داخلها.. وكانت مدرسته التي لا يملّها.. .. لقد أدرك صالح جغام منذ خطواته الاذاعية الأولى أن مكامن النجاح والتألق تبدأ من ذات الانسان نفسه فسعى إلى الانشغال على ذاته وتطوير مهاراته ومعارفه.. فكان أن جالس كبار المثقفين والمبدعين وأهل الفكر النيّر.. وانطلق في اثراء معارفه.. فكسب مهارات إبداعية وثقافية عالية سخّرها ووظّفها لإنتاج برامج شكّلت إضافة هامة للإذاعة الوطنية.. ولا غرابة أن تكون برامج صالح جغام من العلامات المضيئة في مسيرة الانتاج الاذاعي على مر العصور.. فهل ترانا ننسى «ليال عربية» و«حقيبة المفاجآت».. وقبل ذلك «ستوديو 2 في الشارع» والبرنامج التنشيطي الصباحي المباشر الذي يتناوب على تقديمه مع الراحل نجيب الخطاب والاذاعي القدير البشير رجب؟! .. صالح جغام.. من الأسماء الخالدة الشغوفة بالعمل الاذاعي.. هو مدرسة قائمة الذات لوحدها.. لا هدوء فيها ما لم يحمل أي برنامج يتم تقديمه الجديد الذي ينفرد به.. يخصّ به المستمعين.. لا راحة فيها ما لم يتم الحسم مع السائد والمألوف.. .. صالح جغام يعيش ما يقدمه من برامج بكل أحاسيسه.. انصهار كلّي إلى حدّ الذوبان.. هو صالح جغام.. عاش حياته ثائرا.. متمردا.. رافضا الاملاءات.. في كل حلقة من برامجه وفي كل أغنية يختارها قصة وحكاية من ذاته.. ومهجته.. ... هو صالح جغام الخالد في الذاكرة بصوته وغضبه وثورته.. وفرحه الطفولي بعد كل برنامج يقدمه.. ستوديو يحمل اسمه الآن وبعد مرور 21 سنة على رحيله.. أصبح من الضروري إنصاف هذا المبدع العصامي الخالد.. بإطلاق اسمه على أحد ستوديوهات الاذاعة الوطنية (ستوديو 2 بدرجة أولى) اعتبارا للعلاقة الوطيدة والمتينة والثابتة والحميمية التي تربط هذا الاذاعي الخالد الذكر بالاستوديو.. فما رأي المسؤولين؟