«الجندرة» أو التمييز بين الجنسين.. واقع التنمية الاقتصادية في أرياف العالم العربي.. دور التمكين الاقتصادي للمرأة في دعم استقلاليتها.. وتأثير الثورات وتحولات العالم العربي في الحريات والحقوق.. كلها محاور ناقشتها ندوة «كوثر» بالأردن.. ناقشت ندوة «كوثر» التي امتدت طيلة ثلاثة أيام هواجس الباحثين في البلدان العربية في فترة «الربيع العربي» حول حريات وحقوق المرأة وتأثير السياسات في مكانتها.. كما تطرقت البحوث العربية إلى التهميش الذي يعاني منه الريف العربي عموما والمتسبب في تعميق «الجندرة» أو التمييز بين الجنسين ..«الشروق» كانت حاضرة في عمان في الندوة الإقليمية حول التشريعات والسياسات والآليات الوطنية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة بمشاركة الأردن ولبنان وفلسطين وتونس والتي نظمها مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث «كوثر» بالتعاون مع منظمة «أوكسفام كيبيك»، ونقلت إشكاليات المرأة والحريات في هذه المرحلة. ثورات وإشكاليات لئن تميز واقع المرأة العربية من حيث التشريعات والقوانين مقارنة بالمرأة الفلسطينية والأردنية والعربية عموما إلا أن هناك اختلالا في مستوى التطبيق وفي مستوى بعض رواسب العقليات ذات النزعة الذكورية وهو ما أكده الملاحظون والباحثون الحاضرون . وذكر الدكتور حافظ زعفران مختص في الاقتصاد (من تونس) أن الاهتمام بقضايا التنمية والحريات وحقوق المرأة هي في صلب اهتمامات واقع الفترة الحالية. وأشار إلى أهمية التقرير الصادرة عن مخاض البحوث والنقاشات الحافلة طيلة أيام الملتقى صباحا ومساء وحتى على طاولات العشاء. وقد قام الدكتور زعفران بعرض أهم نتائج التقرير حول التشريعات الوطنية والآليات المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة في تونس، ومساهمتها في توجيه النقاش حول تحديد الحلول والمقترحات المشتركة والضرورية لمعالجة أهم الإشكاليات التي تعيق التمكين الاقتصادي للمرأة وفي استخلاص الممارسات الجيدة والدروس المستفادة.وقال «يكتسي هذا التقرير أهمية خاصة في هذا الظرف باعتبار أنه أول تقرير يعد حول المرأة بعد الثورة التونسية ويكتسب بذلك بعدا رمزيا هاما.» وأضاف أن هذا التقرير يصدر غداة الانتخابات التأسيسية التي أفرزت قوى حزبية عرفت بمواقف تحفظية تجاه مسألة تحرير المرأة. وعلى إثر النقاشات حول مواقع الإخلال في واقع الحريات والتنمية بالنسبة للمرأة الريفية خاصة والمرأة التونسية عموما قدم الملاحظون من تونس عكسا للواقع.وقد شمل التقرير التونسي أبرز القضايا التي تهم عوائق التنمية الاقتصادية للمرأة . وتتمثل القضية الأولى في قضية مؤسساتية وتنظيمية والمتمثلة في غياب آليات و»ميكانيزمات» ناجعة وفاعلة للتدخلات على المستوى المحلي والجهوي وفي الاحتواء السياسي للتنظيمات المحلية حيث تمت ملاحظة تسييس القضايا المتعلقة بالمرأة وارتباطها بأهواء التغييرات السياسية والخلفيات لا بمسائل إرادة معزولة عن الإيديولوجيا والقرار السياسي. أما القضية الثانية فتتمثل في محدودية وندرة فرص النشاط في الوسط الريفي وهو ما يترتب عنه عدم اقتحام المرأة للميدان الاقتصادي ويرجع ذلك بالأساس إلى حالة البنية التحتية وتفاقم الفوارق الجهوية. وتتمثل القضية الثالثة في تونس في المشاركة المحدودة للمرأة في الحياة العامة (أي في الهياكل السياسية والاجتماعية). وأشار التقرير إلى أهمية دور الإعلام والمجتمع المدني في التوعية ونشر خطاب تقدمي . ودعا الوفد التونسي إلى جملة من الأولويات منها تنمية البنية التحتية بما في ذلك خدمات الصحة والتعليم والبنية الأساسية من طرقات وغيرها، قصد فك العزلة عن المناطق الريفية بطريقة محكمة ورشيدة. وذكر أن تونس تعيش مرحلة تأسيسية وهو ما يستوجب القيام بعمل توعوي يهدف إلى الحفاظ على مكاسب المرأة التشريعية والقانونية وتحصيل حقوق جديدة تدرج في الدستور. مناقشات الدورة حلمت بمشاركة أوسع للمرأة بصفة عامة وللمرأة الريفية بصفة خاصة في الميدان الاقتصادي . كما دعت إلى المساهمة في تغيير الصورة النمطية التقليدية للمرأة والتصدي إلى بعض التوجهات الرامية إلى تهديد مكاسب المرأة. تحديات عربية تناول ملتقى كوثر هواجس العرب في هذه المرحلة . واعتبر أن من القضايا الأولوية في المنطقة وبعد ما عاشته الأقطار العربية منذ سنة من اهتزازات وثورات تتمثل في اكتساب مزيد من الحريات وعلاج النقائص وإيلاء مسألة التنمية بعدا أساسيا بعيدا عن السياسات. كما دعا التقرير إلى تطوير المجتمع المدني واستثماره كي يضطلع بدوره في الحفاظ على المكتسبات في مجال الحقوق والحريات والتمكين الاقتصادي، فالمجتمع المدني هو «المناعة» خاصة في ظل التغييرات الحاصلة في ما يسمى ب»الربيع العربي» كما أكد على ذلك التقرير التونسي.الذي اقترح خلق جمعيات نسائية تشارك فيها جميع الشرائح منها المتحصلات على مستوى تعليمي عال ونسبة الفتيات في الجامعة عالية في الوطن العربي وإدراجها في النشاط في المجتمع المدني. الواقع العربي في حاجة الى تعديل قوانين وعقليات حول حقوق الملكية والإرث في العالم العربي . كما تطرق إلى السياسات الحساسة للنوع الاجتماعي وتطرق إلى إشكاليات تكافؤ الفرص في العمل والأجور بين الرجل والمرأة وأهمية خلق جمعيات نسائية تعنى بمواضيع التنمية. «الأكيد أن «كوثر كان لها المبادرة في تشجيع الجامعات العربية والباحثين في العالم العربي على القيام بدراسات تعكس الواقع والثغرات.. دراسات قيمة من لبنان وتونس وفلسطين والأردن لامست جراح التنمية والمرأة العربية وكانت منطلق التقرير والعمل.. هي خطوة أولى شجعها مشروع أوكسفام كيبيك لكن مجهودات البحث ومخاض الاجتهاد قد يتوقف بسبب الصعوبات التي تواجهها منظمة التدريب والبحوث حول المرأة كوثر والتي تحتاج إلى تنمية لتواصل مجهوداتها الإنمائية.