لم يكن مستغربا حصول جليلة بكار على جائزة محمود درويش للابداع لسنة 2012 تقديرا لعطائها الفني ونضالها الثقافي ودفاعها المستميت عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية .
رفضت السلطات الاستعمارية الاسرائيلية السماح للفنانة المسرحية جليلة بكار من دخول مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية لتسلم جائزة محمود درويش التي تمنحها مؤسسة محمود درويش تحت رعاية الرئيس محمود عباس .
وكان يفترض أن تتسلم جليلة بكار هذه الجائزة الهامة في مدينة رام الله مساء أمس الثلاثاء 13 مارس في موكب يشرف عليه الرئيس الفلسطيني ويحضره عدد كبير من الشخصيات الثقافية والسياسية تخليدا لاسم الشاعر الذي حملت كلماته جرح فلسطين النازف .
وتعد هذه الجائزة أهم جائزة فلسطينية ومن بين أهم الجوائز العربية ويأتي منحها الى المسرحية جليلة بكار تأكيدا على دورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية المبثوثة في أغلب أعمالها المسرحية والسينمائية القليلة اضافة الى حضورها الدائم في حواراتها ولقاءاتها في العالم وكانت قدمت في الذكرى الخمسين للنكبة منودراما «البحث عن عائدة» استحضارا للتغريبة الفلسطينية في بحث الفلسطيني عن وطنه الذي شرد منه بمباركة دولية وتواطؤ عربي .
وجليلة بكار التي تتوج مسيرتها الطويلة بهذه الجائزة وجه مسرحي صبغ التجربة المسرحية التونسية ببصمات خاصة ومنحها لونا مختلفا، منذ أن انخرطت مع مجموعة «المسرح الجديد» مع فاضل الجعايبي وفاضل الجزيري ومحمد أدريس ورؤوف بن عمر والمرحوم الحبيب المسروقي وصولا الى آخر أعمالها في مجموعة «فاميليا»مسرحية «يحي يعيش».
تتنفس جليلة بكار المسرح ورغم كل الاغراءات المادية رفضت معظم بل كل الأعمال التلفزيونية التي عرضت عليها وبقيت متمسكة بالخشبة .
من «العرس» و«غسالة النوادر» و«لام» مرورا ب«عرب» و«العوادة» وصولا الى أعمال فاميليا بعد انتهاء تجربة المسرح الجديد «كوميديا» «فاميليا» «عشاق المقهى المهجور» «سهرة خاصة» «البحث عن عائدة» «عربلين» «جنون» «خمسون» ويحي يعيش.. رحلة طويلة تمسكت خلالها جليلة بكار باستقلاليتها وألتزمت فيها بالدفاع عن قيم الحرية والمواطنة وحقوق الانسان مدينة للاغتيال الرمزي والقمع السياسي للمناضلين وقد كانت منذ السبعينات في الصفوف الأولى لحركات الاحتجاج من ساحات الجامعة الى الشوارع والفضاءات النقابية الى اضراب الجوع لمجموعة «18 أكتوبر»التي لم تخف جليلة بكار علنا مساندتها لهم وصولا الى رفضها تولي منصب وزيرة الثقافة بعد 14 جانفي لإيمانها العميق أن موقعها الحقيقي هو الشارع والانحياز للبسطاء ولأصوات الحرية .
جليلة بكار التي توجت أمس بجائزة محمود درويش نموذج استثنائي لفنانة تونسية اختارت التفكير بصوت عال والابداع بصوت أعلى انتصارا للفن وللحياة وللحرية .