منحت جائزة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش للحرية والابداع في دورتها الثالثة للكاتبة والممثلة التونسية جليلة بكار والشاعر الفلسطيني المقيم في الأردن زهير أبو شايب. وقال محمود شقير عضو لجنة تحكيم الجائزة في حفل للإعلان عن الفائزين بالجائزة أن الثورات العربية الدائرة كانت حاسمة في قرارات اللجنة لكنه شدد على أن هناك تمسكا بدلالة الجائزة التي تنطلق من كونية الابداع الانساني.. وكانت الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض قررت اعتبار يوم الثالث عشر من مارس الذي يوافق مولد دوريش يوما للثقافة الفلسطينية. ويرأس لجنة تحكيم جائزة محمود درويش للثقافة والابداع الفلسطيني فيصل درّاج وتضم في عضويتها عددا من الشخصيات العربية الثقافية المعروفة مثل محمد لطفي اليوسفي من تونس وخالد الكركي من الأردن وصبحي الحديدي وجمال شحيد من سوريا وشيرين أبو النجا من مصر وأحمد حرب وسليمان جبران وابراهيم موسى وابراهيم ابو هشهش من الأراضي الفلسطينية. وقالت لجنة التحكيم في بيان نشرته وكالات الأنباء أن منحها الجائزة «لجليلة بكار في تونس بلد الياسمين وفي المشهد الابداعي المغاربي والعربي منزلة ومكانة فهي مبدعة متفردة.. امرأة وهبت نفسها للفن المقاوم وكرسته سواء في ما سمي مسرح المواطنة أو مسرح التحدي في أزمنة كان التحدي فيها حدث مقاومة لسطوة النسيان». وأضافت اللجنة «مددت يدي فقطعوها.. اهديت دمي فهدوره.. صرخت فأضاعوا صوتي في غوغاء خطاباتهم.. فاكتفيت بعدّ الموتى والتصدي للنسيان. هذا ما تصرح به جليلة بكار عاليا في مسرحية عائدة. ان المسرح عندها فعل وجود. انه فعل جمالي مقاوم ينشد تأثيث ذاكرة المستقبل بما يتعالى عليه من جراحات بني البشر وعذاباتهم». جليلة بكار التي لم تتمكن كما معروف من دخول الأراضي الفلسطينية لتتسلم جائزتها بعد أن رفضت إسرائيل منحها تصريح دخول أرسلت بتسجيل مصور إلى الاحتفال قالت فيه «كنت أود أن اشتم روائح فلسطين وأن اشد على أياديكم. كنت أود أن التقي بصديقة العمر عايدة اليافاوية التي غابت عني أخبارها غداة الانتفاضة الثانية. حلمت بهذه الزيارة. تشوقت واشتقت كاشتياق المسلمة الى الكعبة. ولكنهم (اسرائيل) منعوني. لا تهمني الأسباب ولا تهمني الاطراف». «منعوني من دخول فلسطين لكن لا قدرة لهم على منعي من الإبحار في شعر درويش» وتابعت قائلة «ظانين ان فلسطين بلد عادي له حدود تقفل وله شعب يحبس وحارس بيده المفاتيح يقرر من له حق الزيارة ومن يرفض ولكنهم ضالون اغبياء لا يفقهون. ففلسطين ليست ارضا فقط. هي بلاد لا حدود لها كفكرتنا عن المجهول.. ضيقة وواسعة.. وهي ليست شعبا فقط بل ملايين من نساء ورجال العالم حفظوها منذ أجيال وأحبوها». ووصفت جليلة بكار حب فلسطين بأنه» مرض وراثي. ففلسطين اصحبت منذ عقود كلمة الشعر ودمعة الطفل وصرخة الصبية وبندقية الفدائي وقهوة الام وحجر الانتفاضة وغصن الزيتون وحصار الزعيم وصمود المقاومة وهي الحنين للتراب والتوق للحياة وهي الصبر على وعود الاشقاء والاصدقاء وهي غضب امام حق مغتصب». وأضافت «ولينفوني من أرض فلسطين فهل يستطيعون منعي من الابحار في أبيات محمود درويش وهل يستطيعون اسكات نبض قلبي كلما تنفست فلسطين... أغبياء هم جاهلون قوة كلمة واحدة.. فلسطين. عمي هم فأنا بينكم وهم لا يعلمون». من جهته أعرب الشاعر أبو الشايب عن سعادته بالحصول على جائزة دوريش وقال في كلمة خلال الحفل «اليوم إذ اتشرف بالحصول على هذه الجائزة الأدبية الرفيعة التي تحمل اسمها المزدوج المقترن باسم محمود درويش واسم فلسطين معا فانني اشعر بان ذلك يشكل اعترافا وتكريما لابناء جيلي من الشعراء الفلسطينيين». وافتتح الفلسطينيون في ذكرى ميلاد درويش حديقة تحمل إسم مسقط رأسه (البروة) على تلة في رام الله مطلة على القدس وضمت إضافة الى ضريحه متحفا يحتوي على مجموعة من أغراضه الشخصية.. أقلامه ومكتبه ونظارته ورسائل وقصائد كتبها بخط يده والجوائز التي نالها في مسيرته الثقافية. وقال ياسر عبد ربه رئيس مؤسّسة محمود درويش الثقافية «أن المتحف من تصميم المهندس جعفر طوقان ابن الشاعر الكبير ابراهيم طوقان... المتحف صرح وطني لجميع أبناء شعبنا وتأكيد على أن شاعرنا الوطني سيبقى دائما في ضميرنا نحمله جيلا بعد جيل حفاظا على رسالته التي حملها وهي الحرية.. حرية الوطن والشعب واستقلاله رغم كل الغزوات التي مرت عليه». وجدّد سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في كلمة في حفل الافتتاح «التزام السلطة الوطنية الكامل بالمضي قدما نحو استنهاض مشروعنا الثقافي وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحقيقه واقعا على الأرض». وممّا يذكر بخصوص الحفل وبالإضافة إلى الفقرات الموسيقيّة صعود الطفل معتز مطور إلى المنصة ليقرأ قصيدة (عابرون في كلام عابر) لدرويش وقد صفق له الجمهور الكبير الذي واكب الحفل بقصر رام الله الثقافي.