كنا نشرنا في عدد الجمعة الماضية مقالا بعنوان «ما هي قيود وضوابط الحرية في الشريعة الإسلامية؟» وقد سقط إسم كاتب المقال الشيخ الخطيب عبد الناصر الخنيسي سهوا. وإذ نعتذر للأستاذ الخنيسي فإننا نذكر السادة القراء ببعض ما تطرق إليه في مقاله.
فقد جاء فيه أن الحرية في الإسلام هي حق من الحقوق الطبيعية للإنسان، فخلق الله ابن آدم حرا، وأعطاه إرادة ومشيئة، واختياراً، وهوليس مجبوراً على عمل، وإنّما هوحرّ في اختياره ومشيئته، وبناء على هذه الحرية في الاختيار والمشيئة؛ يحاسبه الله عزّ وجلّ. وذكر الأستاذ الخنيسي أيضا أن هذه الحريات التي أعطاها الله للبشر ثابتة، ومقررة وهي من العيش الكريم وقد جاء الإسلام بحرية الابتكار، فهذا الإنسان مسموح له أن يكتشف، وأن يخترع، وأن يصنع، إنّه حر أن يتكلم بما في نفسه، وأن يعبر عن رأيه، فلا قيمة لحياة الإنسان بدون الحرية، وحين يفقد المرء حريته، يموت داخلياً، وإن كان في الظاهر يعيش ويأكل ويشرب، ويعمل ويسعى في الأرض.
كما أشار الأستاذ عبد الناصر الخنيسي إلى أن من تعظيم الإسلام لشأن الحرية أن جعل السبيل إلى إدراك وجود الله تعالى هوالعقل الحر، الذي لا ينتظر الإيمان بوجوده بتأثير قوى خارجية، كالخوارق والمعجزات ونحوها، قال تعالى {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة 256) نجد أن الإسلام رفع الإكراه عن المرء في عقيدته، وأقر أن الفكر والاعتقاد لا بد أن يتسم بالحرية، وأن أي إجبار للإنسان، أوتخويفه، أوتهديده على اعتناق دين أومذهب أوفكره باطل ومرفوض، لأنّه لا يرسخ عقيدة في القلب، ولا يثبتها في الضمير.لذلك قال تعالى {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} (يونس 99) هذه الآية وغيرها، تنفي الإكراه في الدّين، وتثبت حق الإنسان في اختيار دينه الذي يؤمن به.