على هامش ندوة «أي نظام تربوي لتونس ما بعد الثورة» التقت «الشروق» رضا ساسي دكتور علوم التربية في مجال التقييم والجودة ليقدم نظرة استشرافية لمستقبل التربية بعد الثورة ويعرض البدائل المتوقعة. ويؤكد مدير المعهد العالي لتكوين المعلمين سابقا في بداية حديثه «ركزت في مقترحي على مقاربة تشخيصية منظومية واهتممت اساسا بالمعضلة التربوية المتمثلة في عدد من النقاط وبالأساس غياب الانتاج الفكري والفني بما فيه انتاج القادة الفكريين والاقتصاديين وهو ما ادى الى غياب الابداع وندرته وضعف استبطان القيم وقد حللت هذه المجموعة من المخرجات او فلنقل مجموعة المعضلات الكلية ورددتها الى مجموعة من المؤشرات من قبيل تدني مستوى المتعلمين والخريجين في القراءة والكتابة وفي الرياضيات وكل ما يتعلق باستبطان القيم المدنية والاخلاقية».
ويواصل مكون المتفقدين الجدد كلامه بتفصيل اسباب تردي المنظومة التربوية «كما ركزت على مجموعة من الاسباب المؤدية الى هذا الوضع واردت ان اقدم اسئلة حول الاسباب التي تكمن في العمليات او في المدخلات فعدت الى اسباب عميقة قد تجد جذورها في عمليات التكوين اساسا ونقصد بها المعاهد العليا لتكوين المعلمين ومدارس الترشيح وتجارب معاهد مهن التربية الجديدة فوجدت ان هذه المعاهد لم تخضع للدراسات العلمية ولم تخضع للاستشراف العلمي قبل فتحها وانما كانت نتيجة قرارات سياسية فوقية بما جعلها لا تحقق اهدافها التربوية وتفقد بالضرورة شرعيتها ومن هنا تساءلت عن اسباب غلق مدارس الترشيح وغلق المعاهد العليا لتكوين المعلمين بدل تطويرهما ثم جاء مشروع فتح معاهد مهن التربية التي بدورها لم تخضع لدراسات علمية بل وقع اقرارها فوقيا فانتصبت وانتشرت ولكنها الى حد الان لم تف بالحاجة باعتبار ان المتكونين المنتدبين اليها هم من حاملي الشهادات الجامعية (الاستاذية او الاجازة) ولكنهم لا يتمتعون بالوقت الكافي للتكوين ففي افضل الحالات تدوم فترة التكوين ثلاثة اشهر او شهرين في السنة وفي احيان اخرى شهرا واحدا فقط ولكن منذ سنة تقريبا (قبيل الثورة وبعدها تحديدا الى الان) وهي مفتوحة ولا تستقبل احدا للتكوين وفي ذلك خسارة كبرى للمجموعة الوطنية وارى انه من الامور العاجلة ضرورة اعادة النظر في هذه المعاهد والتفكير مباشرة في فتح معاهد عليا للتربية ولم لا كلية للتربية خاصة وان الوزارة انطلقت في هذا المشروع حتى قبل الثورة ولكن الان وباعتبار ان وزارة التعليم فتحت الباب للانتدابات والتشغيل في غياب كليات للتربية او في غياب اقسام لعلوم التربية او في غياب معاهد عليا للتربية وبالاساس في غياب انتداب حاملي الدكتورا في علوم التربية رغم ان لدينا عددا لا باس به من حاملي الدكتورا في هذا الاختصاص الا انه لا يتم اللجوء اليهم في الجامعة لان بعض صناع القرار لا يؤمنون بعلوم التربية ولا بالتربية اساسا وهو ما يدعو الى اعادة النظر في المسالة جذريا».
ويختم رضا ساسي المتفقد اول للتربية كلامه «وعلينا ان نركز أيضا على أهمية الربط بين بلورة مشاريع تكوين تجمع بين معادلة الاصالة والحداثة وبين تطوير الكفايات وبناء التصورات الايجابية وبناء الهويات المهنية الفاعلة والمنتجة والمسؤولة في مجتمعنا ولا يكون ذلك الا بالانتداب الدقيق والفرز الجيد للراغبين والمحبين للطفل والطفولة في تونس وتحفيز كل المنتدبين وتكوينهم تكوينا علميا بيداغوجيا ونفسيا واجتماعيا دون ان نهمل ايضا التكوين التام في العلوم واللغات».