لا تزال أسباب الانزلاقات الأرضية التي أضرت بالمنازل تشغل العديد من الأوساط في ولاية جندوبة والتي تتطلع إلى البحث عن حل جذري يساهم بقدر كبير في حمايتها مستقبلا. علما وأن خبراء البناء أرجعوا أسباب انهيار هذه المنازل الى البناء في أماكن غير صالحة لذلك. لذلك لابد من معرفة الطبيعة الجيولوجية والطبوغرافية المكونة لهذه المناطق بما في ذلك المدينة الواقعة في سفوح ثلاثة جبال شاهقة منها جبل البئر الذي يبلغ ارتفاعه 1020 مترا على مستوى سطح البحر. وتحتوي هذه المناطق على فجوات غابية بها مساحات محدودة اغلبها تابع لملك الدولة الغابي حيث يحجر استغلاله وبناء المساكن به باستثناء ما يقع تحويل صبغته العقارية وتصنيفه لفائدة المصلحة العامة لذلك يضطر العديد من المواطنين الى البناء في سفوح الجبال ومنحدراتها وبجانب مجاري المياه والشعاب والأودية وهي أماكن صعبة من الناحية الطبوغرافية وتتطلب تهيئتها مبالغ مالية هامة قبل الشروع في البناء ,وقد زاد من هذه الصعوبة المكونات الجيولوجية للمنطقة التي تتكون من طبقة سطحية من التربة الدبالية ذات اللون الأسود والتي تمتص كميات كبيرة من مياه الأمطار بسهولة في حين تليها طبقة طينية عازلة تمنع المياه من التسرب.
حسب أراء الاختصاصيين في ميدان البناء فانه من الضروري أن تنغرس أساسات المباني بعمق في الطبقة الثانية حتى يقع تثبيتها بالقدر الكافي وبالرغم من كل الإجراءات الوقائية والتقنيات الحديثة المتبعة حاليا في تشييد المنازل فان فرضية وقوع الانزلاقات الأرضية المتسببة في تصدعها وانهيارها تبقى واردة عند تكاثر نزول الثلوج وتهاطل الأمطار ما يجعل كميات كبيرة منها تنحصر بين الطبقتين وتنجرف التربة بما فيها.
يقول السيد مراد الدبوسي صاحب مكتب دراسات هندسة معمارية أن أسباب تصدع و انهيار المنازل عند وقوع الكوارث الطبيعية كتهاطل الأمطار ونزول الثلوج تعود إلى البناء في أماكن غير صالحة لذلك كما أن جل المواطنين لا يبحثون عن الاستشارة الفنية اللازمة قبل الشروع في أقامة المباني وبذلك لا تكون هناك دراسات فنية وأمثلة معمارية يقع إعدادها من طرف المهندسين المعماريين كما أن الكثير من المواطنين يلتجئون إلى البناء في أماكن هي في الأصل مهددة بالانزلاقات كالتي تكون قريبة من مجاري المياه وفي سفوح الجبال المنحدرة وليس هناك إصلاحات جذرية للمباني القديمة والتي تتطلب إقامة أحزمة وقائية تحيط بها وتكمن أهم الحلول المستقبلية حسب رأيه في اختيار أماكن البناء التي يجب أن يقع تحديدها من طرف أهل الاختصاص .
ويضيف أن مدينة عين دراهم أصبحت غير قادرة على استيعاب المزيد من السكان ويجب البحث عن أماكن متاخمة لها ذات أرضية صالحة كما أن تكاليف البناء بهذه المنطقة باهظة جدا ولا قدرة للمواطنين على مجابهتها فيلتجئون خاصة ضعاف الحال منهم إلى الحلول السهلة دون البحث على النوعية.
أما السيد الأسعد بن بلقاسم عرفاوي احد المتضررين من هذه الكوارث الطبيعية يقول أن تعرض منزله إلى عدة أضرار رفقة بعض المنازل الأخرى منذ سنة 1997 من القرن الماضي كان جراء الأشغال التي وقع انجازها عن طريق المقاولات بالطريق الوطنية رقم17 الرابطة بين عين دراهم وطبرقة والتي تقع أعلى من المنازل والمتمثلة في تغيير شبكة الهاتف القار والتنوير العمومي من أسلاك هوائية إلى خطوط تحت الأرض وهذا أدى إلى سد منافذ تصريف مياه السيلان التي كانت موجودة من قبل وكذلك تحويل مصب الشعاب فتجمعت المياه تحت التربة وصدعت منازلنا وشققت جدرانها وارتفعت أرضيتها وقد قام بمكاتبة كل السلط والأطراف المعنية بما في ذلك رئاسة الجمهورية لتلافي هذه الأخطار لكن لم يقع أي تدخل بالرغم من معاينة هذه الأوضاع العديد من المرات واخذ رسوم و قياسات هندسية.
السيدة نبيهة شيحاوي رئيسة مصلحة الإسكان بالإدارة الجهوية للتجهيز بجندوبة أفادتنا أن أهم أسباب انهيار المساكن بعين دراهم عند وقوع الكوارث الطبيعية تعود إلى نوعية المباني التي لا تخضع للمواصفات الفنية اللازمة وكذلك عدم اختيار الأماكن الصالحة للبناء وعدم القيام بالاستشارات الفنية الضرورية إلى جانب قطع الأشجار الغابية والتي هي من أهم المكونات التي تحافظ على أديم الأرض وتحد بقدر كبير من وقوع الانزلاقات والانجراف .