اختتمت أعمال ملتقى الطاهر لسود لتاريخ الحركة الوطنية الذي ينظمه نادي البحوث والدراسات بالمركز الثقافي الطاهر الحداد بالحامة على مدى يومين 24 و25 مارس في دورته 16 وقد شارك في هذا الملتقى عدد من الشخصيات السياسية والوطنية. وقد شهد اليوم الأول جلسة علمية تتضمن أربع مداخلات افتتحها الحبيب خضر بنقله لشهادة من الداخل اهتم فيها برصد مراحل عمل المجلس التأسيسي وبعض نقاط الاختلاف مثل اعتماد الشريعة مصدرا للدستور ووضّح ما تطالب به حركته وهواعتماد الشريعة مصدرا لا مرجعا فلا بديل عن النص القانوني الوضعي أوالخلاف في بعض القوانين مثل المساواة بين الرجل والمرأة فموقف حركته هوالمساواة في حقوق المواطنة فقط في حين توجد مواقف أخرى تتبنى المساواة التامة بينهما حتى في الأحوال الشخصية والميراث بما يتعارض مع النصوص الدينية والاختلاف تجاه حكم الإعدام بين إبقائه وإلغائه إلغاءً تاما.
أما عمار عمروسية فقد انطلق بتحية أعلام الحامة ومناضليها عبر التاريخ ثم قدم وجهة نظره من الانتخابات فاعتبرها لم تكن حرة ولا نزيهة بسبب تأثير الإعلام والقوى الأجنبية وغياب الوعي لكن نقده لأداء الحكومة فيما يتصل بالملف السوري أثارحفيظة الحاضرين فقاطعه بعضهم وفضل البعض الآخر مغادرة القاعة فتجاوز ذلك إلى الجانب الاقتصادي ثم كانت محاضرة عمرالزعفوري عن أهم ضغوط المرحلة وهي الموروث التنموي عن العهدين البورقيبي والنوفمبري والتجاذب الاجتماعي والسياسي ثم المحيط الاقليمي المفخخ ثم ختم مداخلته بكشف بعض مخاطر التوجه الليبرالي.
أما الأستاذ عبد الواحد مكني فتناول في مداخلته التي عنونها بتونس اليوم إلى أين؟ مختلف الخطوات التي تمت منذ 14 جانفي فاعتبر كل ما تحقق جزءا من الحل وهو هروب رأس النظام والانتخابات والمجلس التأسيسي وتكوين حكومة منتخبة لكنها ليست الحل مكتملا ثم أكد على الخلفية الاجتماعية للثورة والتحاق المطالب السياسية بها. وفي الجلسة الثانية يوم 25 مارس طرح الاستاذ محمد جابر اشكاليات تتصل بالحركة اليوسفية من زاوية الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي واعتبر الكفاح المسلح غائبا عن اختيارات القيادة الحزبية بل فرضته القواعد الدستورية ثم وظفه بورقيبة للضغط في مفاوضاته مع فرنسا ثم تناول دور القائد الطاهرلسود في اطلاق أول شرارة للكفاح المسلح من مدينة الحامة ثم انتشارها في بقية مدن البلاد واحتضنها الشعب في المدن والارياف ثم كانت مداخلة عروسية التركي التي اهتمت بدور الصراع اليوسفي البورقيبي في تقريب الاستقلال فقد تمسك صالح بن يوسف بالكفاح المسلح حتى الاستقلال التام ورفض في ذلك اتفاقيات الاستقلال الداخلي مما أدى إلى رفته من الحزب في اكتوبر 1955 وتواصل الضغط السياسي من قبل صالح بن يوسف والضغط العسكري من القائد الطاهر لسود وهوما استغله الحبيب بورقيبة في تفاوضه مع فرنسا مما دفعها إلى التعجيل بالاستقلال ثم ودون برمجة مسبقة تدخل أحد مناضلي الحركة اليوسفية السيد حسين مسعودي فقدم شهادته على المرحلة وعلى التعذيب الذي تعرضوا له أما المحامي مبروك كورشيد فقد تناول أهم المظالم التي تعرض لها اليوسفيون في العهدين البورقيبي والنوفمبري من تعذيب وقتل وتهجير وحرمان مناطقهم من التنمية وأكد أن إثارة قضية اليوسفية الآن إنما هومن أجل كشف حقائق التاريخ وإنصاف المظلومين خاصة ان المتهمين فيهم من مازال على قيد الحياة فتأسيس الجمهورية الثانية يستوجب المحاسبة وكشف الحقائق.
لاستطلاع آراء المتابعين اتصلنا ببعضهم وسألناهم عن آرائهم في الدورة فقال السيد المنصف قلوي : دورة تستحق الدعم لأنها لأول مرة تنبش في الماضي المسكوت عنه ولأنها تسعى إلى إنصاف فئة رسمت تاريخ تونس لكنها لم تستفد خلال العهدين السابقين ، تنظيم النقاش لم يكن دائما محكما وأرجوالعمل على تنويع الضيوف في الدورات المقبلة.
أما السيد عبد الحكيم علوي فقال «الملتقى نجح في طرح مواضيع كان مسكوتا عنها من قبل وتقديم قراءة لتجربة صالح بن يوسف وقد تم استدعاء ضيوف من مشارب مختلفة للاستفادة من تقييمهم لمسار الثورة واستشراف مستقبلها ولكن لم يلتزم بعض الضيوف بإعداد مداخلات واضحة وانزلقوا الى التعبئة السياسية والدعاية الحزبية ولم يقع الالتزام بالتوقيت وبعض التدخلات في النقاش طغى عليها التشنج إضافة إلى تزامن هذا الملتقى مع تظاهرة ثقافية أخرى جعلت استغلال الفضاء مقيدا بضيق الوقت». أما السيد فتحي قلوي فقال «اخترت الحضور لمواكبة المداخلات لكن بعضها كان غير متعمق في الموضوع اضافة إلى عدم الالتزام بالوقت ولكن استفدنا من شهادة تاريخية لأحد مناضلي الحركة الويسفية مما حرك فينا الرغبة في النبش في أعماق التاريخ وإعادة كتابته بشكل موضوعي وكانت مداخلة السيد مبروك كورشيد قيّمة وتناولت الموضوع من مختلف جوانبه.