أوّل من أشعل نار الثورة بالجنوبالتونسي في فيفري 1952 وقائد المقاومة المسلحة بين 1952 و1954 باعث جيش تحرير تونس في فيفري 1956 واختاره الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ليكون قائد جيش تحرير شمال افريقيا من بين 5 مرشحين من المغرب والجزائر وتونس. عاش حياته مناضلا متنقلا بين جبال الظاهر التونسي وجبال الشمال الغربي. لم يهدأ له بال الا لما أعلن عن الاستقلال التام للبلاد يوم 20 مارس 1956 ولعلّه من «المفارقات» أن تتطابق وفاته مع تاريخ الاستقلال المجيد (توفي 20 مارس 1996)، أرعب فرنسا طويلا وأربك حسابات الزعيمين بورقيبةوبن يوسف ورفض مد اليد لأي منهما ايقانا منه بأن الانحياز لأي منهما قد يؤدي الى فتنة داخلية وتناحر بين المواطنين وهو من عاش حياته مناضلا في سبيل أن لا يحدث أي شيء منه حبا لوطنه وبقي «المناظل الكبير... مغمورا مجهولا من الاجيال التونسية اللاحقة لفترة المقاومة الوطنية والاستقلال الى أن جاء الرئيس بن علي وأعاد له ولعائلته الاعتبار وأضاف بأن منحه الصنف الاول من وسام الاستقلال يوم 20 مارس 1989 تقديرا لحجم المجهودات التي بذلها بعيدا عن الاضواء خدمة لبلاده التي قال عنها بن علي أنها لكل التونسيين دون اقصاء او استثناء او تهميش. ذلك هو المناضل الكبير، والقائد الفذ الطاهر بن علي لسود الخريجي المولود بالحامة كما يقول هو سنة 1910 (وليس 1913 كما يتردّد في بعض المراجع والكتب). «الشروق» حصلت على تسجيلات مطوّلة فريدة ونادرة بصوت المناضل الطاهر لسود نقل خلالها ملامح دقيقة ومفصّلة عن أغلب فترات حياته من حامة قابس الى جبال «خنقة عيشة» ثم الى مكثر والكاف فالجزائر فتونس من جديد ثم الى ليبيا فمصر ثم ليبيا من جديد قبل ان يحطّ الرحال بصفة نهائية في العاصمة التونسية (جهة المنزه) الى حين وفاته. * اعداد: خالد الحدّاد عن ولادته يقول المناضل الطاهر لسود أنها كانت سنة 1910 وانه غير متأكد ان يكون من مواليد الحامة اذ يمكن ان يكون ذلك قد تم في منطقة الهوارة (جنوبالحامة) يقول: «أنا بدوي من البادية وكانت الحامة كلّها بوادي بها 11 شيخا... البعض يفرّقون بين بلدي وعربي وذلك غير موجود، هؤلاء لا يفقهون، كل الناس كانوا في البادية، كانت هناك الاغنام والخيل كانت للعب والصيد، «لا أقول اني اشجع من الناس ولكن هناك فلسفة وحكمة طبعت حياتي منذ الصغر انني كنت كثير الميل للخيل والصيد». الدغباجي وبداية «المشوار» يؤكّد المرحوم الطاهر لسود انه كان يعرف جيّدا محمد الدغباجي يقول: «اعرفه جيّدا ولا اسمع عنه فقط، واعرف ماذا يعمل وماذا يريد وما هي خططه وبرامجه. الناس الذين تحدّثوا عن الدغباجي لا يعرفون لماذا خرج بالضبط؟». «الدغباجي قام بالواجب وخدم الوطن، الدغباجي «قاعدة متاع ثورة» لكن ليس هو الذي أسّسها لأن هناك من سبقه وخاصة منهم عبد العزيز الثعالبي...». ويذكر عم الطاهر ان صالح من جماعة الدغباجي من اكثر من حدّثوه عن كل ذلك وأضاف: «الحبيب الزاير والحاج محمد الذيب وعلي القمودي والبوهالي وعلي لسود وعثمان بالسعود هؤلاء هم الذين كانوا يشكلون دواليب الحزب في الحامة وكانت لهم علاقة مع ليبيا التي كانت تحرّك فيها انذاك تركيا التي كانت ترغب في تنفيذ خطة لشمال افريقيا بأسره حتى «يقلقوا» فرنسا... وبدأت الحرب من منطقة ذهيبة (الاقرب الى ليبيا) على ان تنهض معهم بقية القبائل لكن الدعوة لم تصل الى هؤلاء (بني زيد لم يصلهم شيء) لذلك بقيت ذهيبة عاما كاملا تحارب فرنسا لوحدها وجاء الدغباجي ليقود المقاومة لكن فشل الامر وانكسرت شوكة المقاومة وهو ما دفع باهالي ذهيبة الى رفض اعادة التجربة مرّة أخرى اذا لم تنضم اليهم قبيلة بني زيد. وكانت الاخبار تصل عبر جماعة تطاوين الذين كانوا يتنقلون الى تونس والكاف وحتى للجزائر وكانت عندهم خطّة كاملة. وافق كل مشايخ الحامة على الانضمام واختار الجماعة البوهالي (ولد عم الدغباجي) ليقود الثورة واعتبروه الشخص الاكثر قبولا من كل الاطراف واشترط البوهالي أن يعينه على لسود (ابن خالته) الذي كان موجودا في ذهيبة مع عسكر فرنسا فارسلوا له وقبل لكن قال: «معي 14 فردا من بني زيد ولازم نشاورهم» ولمّا طرح عليهم الفكرة قبلها جميعهم... وقسّموا انفسهم 6 أفراد دخلوا مع الدغباجي و8 رجعوا الى ليبيا...». ويواصل عم الطاهر روايته: «شعرت فرنسا بالتحركات الجارية... فتوقّف الجماعة وانتظروا قدوم الأسلحة من تركيا عن طريق ليبيا بحرا في «فلايك» قادها محمد الذيب والمجموعة التي ذهبت معه الى ليبيا ووضعوا الاسلحة في منطقة العكاريت (قابس) وكان السلاح ما يضاهي حمولة 30 من الجمال، 20 كانت من عند علي القمودي و10 على ملك علي عثمان...». وأخذ الثوار الاسلحة وأخفوها في شعاب بوطارة وفي الحصن الرقيق وكانت الورقة التي تخبر عن المكان غير مفهومة «حجرة تحتها داموس وهي اين يموت «الظل» لم يوضّحوا متى ذلك في الصباح ام في المساء ام ظهرا... ولا يعلم احد عن مصير ذلك السلاح بعد ان فشلت الخطة بسبب بعض الوشايات التي يقال ان وراءها شخصا يدعى «الحبيب» انتقل للعاصمة في القطار وأمسكه البوليس هناك ووجدوا عنده قائمة بها 30 اسما ماتوا كلهم في أقبية السجون. وبقول العم الطاهر: «بقي الدغباجي الى حين قتلته فرنسا رميا بالرصاص في الحامة وكنت انا على وعي بكل ذلك وعلى معرفة دقيقة به...». مؤتمر قصر هلال يتذكر العم الطاهر انه وقع استدعاؤهم للحضور في مؤتمر قصر هلال سنة 1934 يقول: «حينها حدث الانقسام بين الحزب القديم الذي كان يريد الاستقلال الذاتي والحزب الحرّ الدستوري الجديد الذي كان يرغب في الاستقلال التام والذي كان مقتنعا انه لا يكون الا بالدم». يقول عم الطاهر: «اطلقنا عليهم لقب الغرانطة، وكان علالة بلهوان وقتها عميد الشباب وعندما يتكلم «اشعل النار»... كنا انشط منهم بكثير وتمكنا من الانتصار عليهم وغابت فكرتهم نهائيا... وكانت الحامة كلّها حينها تحت قيادة شخصية واحدة: الطاهر دعيب ثم محمد الاعتر ثم عبد الله تيت والاعضاء كان من ابرزهم الحاج علي بن خذر (والد السياسي نورالدين بن خذر) الكاتب العام وكان مثقفا جدا بالعربية والفرنسية والذي قتلوه سنة 1956، الطيّب بن بلقاسم هو أمين مال الشباب ثم الطيب بن مختار وكنت انا كاهية الكاتب العام وكنت دائما اتخاصم مع الكاتب العام... «كانت لي افكار مشومة». ويقول عم الطاهر هنا عن حياته: «أنا فقير جدا... ليس لي اي شيء على الاطلاق... باني دارين بالجريد وكنت اشتغل على ماكينة خياطة كانت على ملك شقيقي الهادي... نحصّل الخبز لاخوتي ثم اذهب للحزب». لقاء بورقيبة و»ضربة البداية» يقول عم الطاهر: «جاءنا بورقيبة في أواخر سنة 1950 واستقبلناه فرحين مهللين وبقي الى جوارنا اسبوعا كاملا وانتقلنا به الى جربة قرب احمد بوشلاكة ويذكر المتحدث أحد خطابات بورقيبة الحماسية ذات ليلة: «أنتم أقوياء وأنا معمّل عليكم، أنتم أهل الدغباجي وبني زيد متاعين دم وفرنسا ما تخرج كان بالقوّة... والحرب لازمة وراهي جاية أشكون ايهنيني؟». ويواصل: «رفعت انا اصبعي... فناداني وقبّلني وقال لي انتظر الاوامر... وقلت له: «أنا حاضر باش والجبل انا باباه...» ومن ذلك اليوم اصبحت محل مراقبة من الجندرمة الفرنسية». والتحق المنجي سليم والهادي شاكر بنا في قابس وكانوا يتظاهرون بأنهم قدموا لخلاص اشتراكات الحزب في حين انهم جاؤوا لاستطلاع الامر والتمهيد لبدء المقاومة... وجاءني ذات يوم العيساوي الشكال (من قابس) وقال لي: حاضر انت والا لا؟! قلت له: أنا حاضر، وكان لقاؤنا قرب الحسين عزيز الذي كان يملك معمل نجارة وأرسل لي الحزب معه 50 دينارا و»مكبّر صور» و»تسترة» و»مقص»... (يذكر عم الطاهر ذلك باستهزاء: أهكذا تكون الثورة...؟!). وبدأت اعداد العدّة واتصلت ببلقاسم البازمي (بن قايد) والحسين عبد العزيز وعبد الله الدزيري... وتشجّعت كثيرا من كلام بلقاسم الذي قال لي «أين أنت سأكون معك!» فأعطيته 30 دينارا وبقيت معي 20 دينارا وبدأنارحلة البحث عن السلاح الذي لم نكن نملكه ولكن كان موجودا عند الناس بفضل الالمان. كما يقول عم الطاهر «بارك الله فيهم... ملتقى الطاهر لسود الثامن لتاريخ الحركة الوطنية ينعقد غدا الاحد 21 مارس 2004 ملتقى الطاهر لسود الثامن لتاريخ الحركة الوطنية الذي ينظمه نادي البحوث والدراسات بالحامة بالتعاون مع المعهد الاعلى للحركة الوطنية بتونس وبلدية الحامة والمندوبية الجهوية للثقافة بقابس، وهو الملتقى الذي حمل هذه التسمية منذ وفاة المناضل الكبير الطاهر لسود في 20 مارس 1996 تقديرا له ولاسهاماته الجليلة في الحركة الوطنية ومقاومة المستعمر ويشتمل الملتقى على المداخلات التالية: مقاومة جهة قابس للاحتلال الفرنسي 1881: عروسية التركي الهادي الزريبي: ابراهيم ساسي «الفارس والشاعر» عبد المجيد الجمل: خفايا التنسيق بين المقاومة الليبية وقبيلة بني زيد 1916 الخلفيات الاجتماعية لرواد حركة التحرر الوطني: حافظ عبد الرحيم