الارتفاع الصاروخي لسعر اللحوم الحمراء مازال متواصلا مما خلق جدلا واسعا بين المستهلك والفلاح والجزار.. معادلة أصبحت معقدة وتفكيك رموزها وطلاسمها يقتضي بالضرورة إعادة نظر عبر اتباع مختلف قنوات البيع والشراء للوصول الى حلول ترضي جميع الأطراف. مازالت قفة المستهلك تعاني من جراء الأسعار المرتفعة لمواد الاستهلاك على غرار اللحوم الحمراء التي مازالت أسهمها تحلق عاليا رغم دعوة منظمة الدفاع عن المستهلك لمقاطعته لمدّة 3 أيام فهذا القرار وان كان يهدف للضغط على «الجزّارة» للتخفيض في سعر الكيلوغرام حتى يتسنى لكافة شرائح المجتمع استهلاكه الا أن الفلاح المتعاطي لتربية الماشية ومن بعده الجزار العارض لهذا المنتوج لهما مبرراتهما
ولتبيان آراء جميع الأطراف المتداخلة في هذه الحلقة المترابطة استطلعت «الشروق» آراءهم وانطباعاتهم والحلول الكفيلة لتجاوز هذه المعضلة التي اشتكي منها الثالوث المستهدف بهذا الموضوع (المربي والجزار والمستهلك)
الفلاح يوضح
في الماضي القريب كانت أسعار اللحوم الحمراء في متناول اي مستهلك من أي فئة اجتماعية كانت لكن منذ التسونامي المائي الأخير وما تبعها من كميات كبيرة من الثلوج أتت على المئات من المواشي وخاصّة منها الخرفان والنعاج تغيرت درجة سعره الى 180 درجة هكذا يقول السيد محمد نجيب الماجري أحد مربي تربية الماشية واصيل منطقة حمام بياضة التقيناه بالسوق الأسبوعي لمدينة الكريب وهو يتأهب لمغادرته بعد أن قام بترويج ماشيته ويضيف بأن غلاء أسعار العلف وحتى «القرط» كان سببا مباشرا في غلاء الخرفان لان مصاريفه ارتفعت بشكل كبير مما ادى بصفة الية الى ارتفاع ثمن الكيلوغرام الواحد دون نسيان السبب الآخر والّذي لا يقل أهمية والمتمثل في قلة العرض للخرفان من جراء تسويقها للبلدان المجاورة..
أما الاشكال الآخر الذي عجل بارتفاع سعر الخرفان فتمثل حسب السيد الماجري في الارتفاع المشط لأسعار العلف اذ بلغ سعر القنطار من الشعير في حدود ال60 دينارا بينما لم يتجاوز في المواسم الفارطة ال34 دينارا نفس الشأن بالنسبة لقنطار السداري اذ عرف هو الآخر ارتفاعا في سعره من 25 د ليصل قرابة ال40د بالاضافة الى ندرة المرعى في الحقول من جراء الأمطار الطوفانية الاخيرة لذلك التجأ المربي الى الاستنجاد مكرها بالعلف والقرط الذي لم يسلم هوالآخر من الغلاء اذ بلغ ال 8 دنانير «للبالة» الواحدة.
الجزّار يبرّئ
الشاب بلقاسم العبيدي صاحب مجزرة يقول عن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع سعر لحم العلوش في الأشهر الاخيرة هو قلّة نوعية الخروف من الجنس الذكر من ناحية لأن مواليد هذه السنة من الخرفان معظمها إناث ويضيف بان من الأسباب الأخرى غلاء العلف بالنسبة للمربي مما يجعله مجبرا لبيعه بسعر مشطّ بالاضافة الى أن معظمنا نجوب الأسواق في كلّ أسبوع وما يتطلبه ذلك من مصاريف نقل اضافية وبعملية حسابية فاننا في العديد من الأحيان نقع في الخسارة اذا أضفنا اليها المصاريف الثانوية الأخرى لذلك ليس من حل لتخفيض سعره سوى بتدخل الحكومة لمراجعة أسعار العلف واذا ما تراجع ثمن العلف فان سعر الخروف سيتراجع حتما ومن ورائه سينخفض سعر اللحم وباستثناء ذلك سيبقى هذا الاشكال مطروحا الى ما لا نهاية له.
السيد لطفي بن سليمان يعلّق على هذه التعريفة المشطّة عند مدخل المجزرة التي بلغت ال 16 دينارا للكلغ بأن بين المستهلك والجزار ما يحتويه جيبك من دنانير فاذا كنت ذا مقدرة لشرائه فمن سيلومك على ذلك ومن ليس له ثمنه فحتما سوف لن يحوم حوله لذلك يبقى المستهلك هو المتحكم في السّوق وليس البقية مثلما يدّعي البعض. فالمربي وضّح أسباب ارتفاعه والجزار برّأ موقفه وقفّة المستهلك مازالت تستغيث وتطلب الرحمة من أهل القرار.