تزامنا مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والأسماك، عرفت كذلك أسواق اللحوم الحمراء ارتفاعا اعتبره المستهلك مشطا ولا يتماشى مع المقدرة الشرائية للمواطن بجميع طبقاته، خاصة وأن المواطن أصبح محاصرا بالغلاء والجهات المعنية التي لم تحرّك ساكنا ولم تتخذ أي إجراء تجاه هذه الأزمة التي أرهقت كاهل «البسيط» ودفعته لمقاطعة اللحوم والأسماك وبعض الخضر إكراها. «الأسبوعي» رصدت انطباعات المواطن التونسي بعد أن وصل سعر الكلغ من لحم الخروف الى 19 دينارا في بعض أسواق العاصمة. تحدثنا مع العديد من المواطنين الذين تراكمت عليهم مشاكل الغلاء حتى أن أكثرهم أكدوا لنا أنهم التجؤوا الى لحم «الحصان» باعتباره الأرفق من حيث السعر سيما وأن لحم الخروف أو لحوم الأبقار لم يعد في متناول جيوب العائلة التونسية خاصة وأن هذا الغلاء المشط شمل كل متطلبات المائدة التونسية. أكد محمد علي (رب أسرة) أنه قاطع اللحوم الحمراء منذ فترة لعدم قدرته على اقتنائها والتجأ الى بعض أنواع اللحوم البيضاء أو لحم «الحصان» الذي يكاد يتحول الى عنصر أساسي في المائدة . غول الغلاء كما أفادت سميرة بن منصورة (أستاذة) أن ما يحصل الآن في الأسواق التونسية غريب جدا والشعب غير متعود على انفلات الأسعار حتى في شهر رمضان فاللحوم الحمراء تكاد تغيب من طبق العائلة وعلى الحكومة أن تجد حلولا جذرية تنقذها من «غول» الغلاء الذي أصبح يخشى مما يخبئه المستقبل.. ومن جهة أخرى قال رياض الحجري (سائق):«ارتفعت تكاليف العيش وقفزت الأسعار الى الضعف في الفترة الاخيرة وهو ما يثير مخاوفنا من حدوث أزمة حقيقية بين المواطن والحكومة، لأن التونسي قد يسامح في كل شيء إلا في قوت أبنائه فبعد الغلاء المشط للخضر ها أن أثمان اللحوم الحمراء تتجاوز الخطوط الحمراء لتصبح «ممنوعة» على المستهلك والتجأنا للحوم «الحصان» ولا ندري إن كانت لحوم حمير أو أحصنة وهي لحوم غريبة على موائدنا وعلى الجهات المختصة الوقوف بجدية بعد أن وصل الأمر الى نقطة اللاعودة». المربون: عيد الأضحى.. والتصدير إلى ليبيا والسرقات من جهة أخرى كان لنا الحديث مع بعض مربّي المواشي والذين كان موقفهم متطابقا حيث أكدوا لنا أن هناك عوامل عديدة ساهمت في ارتفاع أسعار المواشي وبالتالي أسعار اللحوم الحمراء، أبرزها تلبية حاجيات عيد الإضحى كما تم تهريب أعداد كبيرة من المواشي الى ليبيا، إضافة الى ارتفاع أسعار العلف والتخوف من تربية أعداد كبيرة لعدم استقرار الوضع والخوف من السرقات، وأكد عبد القادر العرفاوي (مربي مواش) أن «العلوش» مفقود نسبيا مقارنة بالسنوات الفارطة نظرا لارتفاع نسق «التصدير» الى ليبيا مؤكدا أن أسعار عيد الإضحى الفارط كانت أرفق وأقل من أسعار المواشي حاليا، ومما زاد الطين بلة هو ارتفاع أسعار العلف حيث وصل سعر الشعير الى 600 مليم الكلغ الواحد والتبن الى 10 د الحزمة الواحدة (البالة) وهو ما جعل كلفة التربية مرتفعة جدا وتؤثر مباشرة على الاسعار.. ولا يجب على المستهلك أن يحمّل المسؤولية للفلاح لأنه في النهاية مستهلك . وأشار الفلاح لطفي العياري إلى أن عدم استقرار الأمن يثير مخاوف المربي ويؤدّي الى العزوف عن التربية بأعداد هامة كما عرّج بدوره على ضرورة عمل الجهات المختصة على التقليص من أسعار العلف المحروقات ليتمكن الفلاح من تربية المواشي بأقل تكلفة وهو ما يساهم في تراجع أسعار اللحوم. الڤشارة: «الترفيع في «المكس» بالمذبح يتحمله المستهلك الأكيد أن «الڤشار» هو جزء لا يتجزأ من المنظومة كما أن موقعه يساهم في التأثير على الأسعار، لذلك اتصلنا بالتاجر خالد المناعي وهو «قشار» في مجال بيع وشراء المواشي الذي وجه الاتهام مباشرة لشركة اللحوم التي رفعت من قيمة «المكس» في المذبح حيث تجاوز سعر «الرأس» من الاغنام 3 دنانير وبلغ الآداء على العجل الواحد ب 15 د وهو مبلغ مرتفع جدا سيتحمله المستهلك في النهاية، كما أشار الى ارتفاع اسعار البنزين والعلف موجها رسالة الى الحكومة قال فيها:« يجب على الحكومة التخفيض من أسعار العلف المركب والأدوية وكذلك إدراج سعر خاص للمحروقات بالنسبة الى الفلاح والڤشار..». الجزار: تجارتنا تضررت كما قمنا بجولة في الأسواق زرنا خلالها بعض باعة اللحوم «الجزارة» للوقوف على أسباب ارتفاع الأسعار والذين بدورهم تقصوا من المسؤولية من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وأكدوا أنه لا دخل لهم فيما يحصل وأنهم يشترون اللحوم بأسعار مرتفعة إذ أكد عدنان شوشان أنّ سعر لحوم الجملة يصل الى 16.5 دينار الكغ في الوقت الحالي على عكس الفترات السابقة التي كان فيها سعر الكغ للحم الخروف لا يتجاوز 12 دينارا وعزف المستهلك على شراء اللحوم من الجزار حيث أصبح التجار «يذبحون» يوما واحدا وهو يوم الاثنين في حين أن الجزار كان يذبح أكثر من 3 مرات في الأسبوع مشيرا الى أن التجار مجبرون على توفير لحم الخروف لكي لا يهجرهم حرفاؤهم مضيفا أن التونسي موجه لاستهلاك لحم «الحصان» في هذه الفترة التي ازدهرت فيها تجارة هذا النوع من اللحوم، وعن الأسباب المباشرة لهذا الارتفاع المشط قال محدثنا:« الأسواق الليبية ابتلعت سلعنا وعلى الجهات المختصة مراقبة هذه العمليات التي أضرت بحركية العرض والطلب في تجارة اللحوم الحمراء، مؤكدا أن البعض أصبح يشتري لحم «البقري» مكرها وهذا عيب في حق شعب قام بثورة.. خاصة وأن سعر لحم الحصان ارتفع كذلك ل7 د للكلغ وهو لا يتكلف أكثر من 3 دنانير..