كانت قبل الثورة شاعرة مغمورة.. فهي مغضوب عليها.. يتجاهلها منظمو التظاهرات الثقافية الرسمية بل ممنوعة من المشاركة فيها ولا ذنب لها سوى أنها تنتمي الى عائلة معارضة لنظام الرئيس المخلوع وهي عائلة «بادي» بدقاش. إنها سهير بادي التي انخرطت في النضال بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية انها الشاعرة والرسامة سهير بادي شقيقة وزيرة شؤون المرأة والأسرة سهام بادي . اعتقد كل من استبشر بها كشاعرة واعدة حين كانت تلميذة أن ملكتها الشعرية تبخرت بنار الاستبداد أواعتزلت الشعر اتقاء لشر الحاكم.
وحين نجحت الثورة وتحررت البلاد اقتحمت الساحة الثقافية بأعمالها الغزيرة التي ترعرعت بعيدا عن الأنظار طيلة أكثر من عقدين من الاقصاء والتهميش فأثمرت تجربتها أربعة دواوين شعرية جاهزة للطباعة وشاركت بلوحاتها في معارض كبرى ونظمت معارض منفردة بجهات مختلفة بالبلاد .
الشروق التقت الشاعرة والرسامة سهير بادي بمعرض منفرد لها بروضة الشابي بتوزر ضمن فعاليات مهرجان الأدب والفنون بالجريد خلال عطلة الربيع المنقضية وتحاورت معها.
من هي سهير بادي ؟
«أنا أمّ لخمسة أطفال متحصلة على شهادة الماجستير في البيوتكنولوجيا وأعدّ رسالة دكتوراه في علم الاحياء الدقيقة وشاعرة منذ طفولتي أوّل قصيدة كتبتها كنت أبلغ تسع سنوات من العمر وأكتب الشعر باللغتين العربية والفرنسية ولي أربعة دواوين جاهزة للطباعة أوّلها سيصدر خلال شهر أفريل الجاري بعنوان حب ووطن وأهديته لشهداء الثورة. أما الرسم فهو هواية مدفونة لدي وكانت انطلاقتي الأولى في هذا الفن متأخرة منذ بضع سنوات».
متى وكيف كانت انطلاقتك المتأخرة في الرسم ؟
كانت انطلاقتي الأولى كرسامة سنة 2005 أثناء رحلة قمت بها الى باريس وواكبت هناك عديد التظاهرات الخاصة بالرسم فاكتشفت الألوان على حقيقتها وحين عدت الى تونس قبل الثورة اتصلت بالرسام الكبير محمد مطيمط الذي توفي أثناء الثورة وأطلعته على نماذج من رسومي فحفّزني وشرّكني في عديد المعارض الجماعية بجرجيس وتونس.
وماذا بعد الثورة ؟
بعد الثورة كانت انطلاقتي الحقيقية حيث نظمت معارض منفردة أوّلها معرض خاص بالثورة بالمقر المركزي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بلوحات معانقة للثورة ويحمل المعرض اسم دعوة فرح احتفاء بالذكرى الأولى للثورة كما شاركت بمعرض منفرد بصفاقس برعاية جمعية الفنيق وحاليا في توزر ضمن مهرجان الفنون والأدب بالجريد وخلال شهر أفريل الجاري سأشارك بمعرض بتونس وآخر بمدينة بوسالم.
يقول البعض في توزر أنك برزت بعد الثورة لأنك شقيقة الوزيرة . لا دخل لشقيقتي في أعمالي فهي شجعتني والثورة أبرزتني.
متى تكتب سهير ومتى ترسم ؟
في حالات الحزن يكون الشعر أقرب اليّ من الرسم وبه أعبّر أما الرسم فهويتطلب وقتا أطول من كتابة الشعر لذلك أسترق الوقت من الزمن ولوحاتي زيتية أرسم أغلبها بأصابعي وخاصة المرأة فدائما أشكلها بأناملي ولي تجارب في الرسم على الحرير والبلور لكن لم أطوّرها.
كيف تقيّمين السّاحة الثقافية بعد الثورة؟
العمل الثقافي كان مختنقا برقابة النظام البائد وبعد الثورة لم يعد هناك أي عمل ممنوع فظهر في الساحة كمّ هائل من الأعمال في مختلف الفنون بغثّها وسمينها وبمرور الوقت سيندثر الرديء ويمكث الجيّد.
قطاع الثقافة في توزر مهمّش وبنيته التحتية هشة فبماذا تنصحين للنهوض به ؟
أنصح بعدم انتظار وزارة الثقافة والمسؤولين لمعالجة النقائص وتطوير القطاع وعلى المجتمع المدني أن يطوّره بدعم سينما الطفل وتشجيع مواهب الصغار... وبعث جمعيات فاعلة تعنى بالتراث وتاريخ وأعلام الجهة... وتكوين اتحادات للفنانين ومنها اتحاد الفنانين التشكيليين بتوزر ومطالبة الدولة بحق الجهة في فضاءات عروض كبرى ووظيفية ...