لا يعد «صيام» المستهلك عن اقتناء الأسماك مرتبطا بموسم.. بل ان عزوفه تحول الى ظاهرة شبه مستمرة مع تحول أسعار الاسماك الى «كاوية وشاوية» لجيبه..وحتى سردينة «الزوالي» لم تعد رحيمة. ليفقد المواطن حظه من اللحوم الحمراء والاسماك بأنواعها.
«الشروق» تحولت الى سوق الاسماك وحاولت رصد آراء التجار والمستهلكين حول علاقة قفتهم اليومية بهذا المنتوج في بلاد تمتد فيها السواحل.
بداية الحديث كانت مع أحمد برهومي (تاجر) الذي أكد ان التونسي لم يعد يقبل على اقتناء الاسماك كما كان.. وان عاداته الغذائية قد تغيرت.. وأضاف ان أغلبية الحرفاء هم من المطاعم على عكس ما كان عليه الوضع قبل الثورة فالتونسي هو من كان «يدلل» طاولته وبطنه.
بدوره أكد زبير (بائع أسماك) أن التونسي أصبح عازفا عن اقتناء الاسماك وان الحركة التجارية أصبحت ضعيفة ولم يعد الاقبال كبيرا... كما اتفق مع احمد حول تغير العادات الغذائية عند التونسي وانه اصبح يشتري كميات أقل و«ماركات» أرخص.
ويرى كل من احمد وزبير ان الاعتصامات والاضرابات قد أضرت بسوق الاسماك والحركة التجارية وان المواطن أصبح لا يقبل على السوق المركزية كما كان عليه الوضع من قبل.
ويقول احمد : «لم تعد هناك حركة تجارية من أيام الثورة الى اليوم.. فحتى يوما الاحد والسبت لم تعد فيهما حركة تجارية فالمواطن اصبح يخشى كثرة التنقل حتى للتسوق».
وحول أسباب ارتفاع الأسعار يقول كل من زبير واحمد ان هناك تكلفة يتحملها البائع يوميا تقدر بحوالي 30 دينارا يوميا فمصاريف الثلج وحدها تقدر ب9 دنانير.. كما أشارا الى ارتفاع الاسعار في سوق الجملة.. واضافة الى هذه العوامل هناك عامل سوء أحوال الطقس كل هذه العوامل جعلت المواطن غير قادر على مجاراة أسعار الاسماك المرتفعة اضافة الى ارتفاع أسعار بقية الحاجيات التي تهم قفته ومعيشته، ولم يعد المواطن راغبا في إنفاق الاموال على الاسماك.
بدوره فسّر السيد عبد الحفيظ الجلاصي (بائع أسماك) قلة اقبال التونسي على اقتناء الاسماك بانخرام الامن وكثرة الاعتصامات وال«كروموجان».. وأكد في المقابل على توفر المنتوج من «قاروص» و«ورقة» وغيرهما. وقال ان الانتاج مرتبط بالطقس.
واعتبر ان الحريف قد «هرب» بسبب تدهور مقدرته الشرائية ليصبح أصحاب المطاعم أبرز الحرفاء.. وتوقع انخفاض أسعار الاسماك في الفترة القادمة مع تحسن أحوال الطقس.
«السردينة».. برجوازية!!
توجهنا نحو السيد فتحي (بائع أسماك) الذي أكد ان ارتفاع اسعار الاسماك يخضع للعرض والطلب وربط تراجع المقدرة الشرائية للمواطن وبارتفاع الاسعار عموما وسوء الاحوال الجوية والظروف الأمنية بفترة ما بعد الثورة.
وقال ان الاسعار عرض وطلب وان عادات التونسي الغذائية قد تكيفت حسب مقدرته الشرائية.
وأضاف أن «السردينة» قد وصلت الى 3 و4 دنانير وأضاف ان طقس هذه الأيام و«القمرة» لا تخدم صيد الأسماك، كما أشار الى ظاهرة تصحر بحرنا وعدم وجود الكثير من الاسماك فيه، كما قال ان البحارة في تونس ليست لديهم امكانيات الدخول الى قاع البحر.
وأضاف ان سوق ال«قاروص» و«الورقة» كان يتحكم فيها الطرابلسية وليلى بامكانياتهم وأن أحد التجار الذين حاولوا جلب أسماك بطرق أخرى تعرض للسجن!! من جهته تحدث السيد مصطفى برهومي (بائع أسماك) ومتخصص في بيع «السردينة» عن ارتفاع الأسعار وغياب التوازن بين الميزانية والمقدرة الشرائية للمواطن وقال ان «السردينة» قد وصل سعرها الى 3 و4 آلاف.
وأضاف ان «السردينة» التي كانت للزوالي لم تعد زوالية ولم يعد المواطن قادرا على مجاراة أسعارها.
ورغم ان اليوم الذي توجهنا فيه للسوق المركزية تميز بأسوام مناسبة حسب السيد مصطفى «فكيلو» «السردينة» بين 2 دينار و1800 مليم الا أن الاقبال كان محتشما.
وأضاف ان العادات الاستهلاكية للتونسي تغيرت بما يناسب مقدرته الشرائية فكل المواطنين يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة حسب رأيه وتقديره.
وتقول عزيزة (بائعة أكياس) ان الزوالي لم يعد قادرا على مجاراة أسعار الأسماك ف«1800 مليم للكيلوغرام هو سعر باهظ على الزوالي» وقالت : انها كانت تشتري «السردينة» التي تحل لها أزمة المطبخ لكنها لم تعد قادرة على شرائها باستمرار.
المستهلك محروم
عبر لنا جل المستهلكين عن «صيامهم» عن اقتناء الأسماك وعن عدم اقتنائهم للأسماك كما كان عليه الحال قبل الثورة.
ويقول السيد حسن الهمامي (متقاعد) انه مستغرب من ارتفاع الأسعار ف«القاروص» ب16 دينارا و«الشيفرات» من النوع غير الجيد حسب رأيه بخمسة دنانير.
وأضاف ان «السردينة» كانت ب500 مليم و1000 مليم وكانت موجهة للزوالي لكن المستهلك لم يعد قادرا اليوم على مجاراة الأسعار. بدوره أكد السيد عبد السلام (موظف) على ارتفاع أسعار الأسماك والتي لم يعد المواطن قادرا على شرائها بانتظام واعتبر أنه يمكن ايجاد الحل على غرار «الدجاج» بتربية الأسماك في أحواض.