برغم الانتظارات التي كانت مرسومة مباشرة إثر انتخابات 23 أكتوبر 2011 في إمكانية توحيد الطيف المعارض واصطفافه خلف رؤى وهياكل وبرامج واضحة وجليّة ، وعلى الرغم من أنّ بعض المسارات قد انطلقت منذ فترة فإنّ الطيف المعارض ما يزال محكوما إلى واقع التشتّت «الحزبي» الضيّق ، ومن الأدلّة على ذلك: الأزمة التي اندلعت في «الحزب الجمهوري» خلال مؤتمره «التوحيدي» والتي أدّت إلى العديد من الانسحابات والاستقالات وتعليق النشاط وأدّت أيضا إلى «ضرب» تماسك «الكتلة الديمقراطيّة» بالمجلس الوطني التأسيسي حيث علّق رئيسها (السيّد محمّد الحامدي) و8 من أعضائها (من بينهم أسماء مهمّة على غرار محمود البارودي ومنصف شيخ روحو ومهدي بن غربيّة) عضويتهم في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات والتي يبدو أنّها منحصرة في إيجاد طريقة لإلحاق بعض الأسماء بقيادة «الحزب الجمهوري» بعد التشكيكات التي رافقت عملية انتخاب القيادة الموحّدة للحزب الجمهوري. انسحاب 7 أحزاب من «الحزب الوطني التونسي» والتحاقهم ب«حزب المبادرة» ثمّ تخلّي البعض منها عن ذلك المسار. فشل مسار توحيد «حزب المبادرة» (كمال مرجان) و«الحزب الدستوري الجديد (أحمد منصور) على الرغم من تشاركهما في مرجعية واحدة هي «المرجعية الدستوريّة». عدم تسريع مسار توحيد «العائلة الوطنيّة» بين حزب العمل الوطني الديمقراطي» و«حركة الوطنيين الديمقراطيين» و«الديمقراطيّون الوطنيّون» (الوطد) وغيرهم من تيارات اليسار الماركسي، فآخر بيانات حزب العمل الوطني مثلا أمضاها السيّد عبد الرزاق الهمامي بعد أن في فترة قليلة ماضية يُمضيها مع «رفيقه» شكري بلعيد كما أنّ حالة من التوتّر ما تزال قائمة بين «حركة الوطنيين الديمقراطيين» و«الوطنيون الديمقراطيّون». انفكاك عرى جبهة «14 جانفي 2011» التي قامت على قاعدة الانتصار لأهداف الثورة وخروج بعض مكوّناته على غرار حزب العمال الشيوعي التونسي بسبب اختلاف بينه و«حركة الوطنيين الديمقراطيين» . ضبابيّة «إئتلاف» الأحزاب والشخصيات المستقلّة والتي تجمّعت تحت يافطة «المسار الاجتماعي الديمقراطي» الّذي رأسه السيّد أحمد إبراهيم ، مع تواتر أخبار عن اندماج للمسار في «الحزب الجمهوري». الانشقاقات والخلافات الّتي مسّت «تيار العريضة» بعد التحاق عدد من أعضائها بالحزب الوطني الحر ،ممّا قد يؤشّر إلى صعوبات عمليّة قد تُواجه «تيار العريضة» الّذي يرأسه الدكتور محمّد الهاشمي الحامدي. والمحصلة في هذا الجرد أنّ جزءا من «المعارضة» يُعارض جزءا آخر من «المعارضة» وهي حصيلة سلبيّة من شأنها أن تزيد في إضعاف «المعارضة» وتشتيت قواها خلال المواعيد الانتخابيّة المنتظرة. وتقول العديد من المصادر أنّ سبب هذه «الاختلافات» يعود أساسا إلى أزمة غياب القيادات القادرة على التجميع وتحقيق الانسجام حولها مع غلبة النزعة الزعامتيّة لدى القيادات الموجودة مع بعض الخلافات «الشخصيّة» الضيّقة التي انعكست سلبا على تقريب وجهات النظر وتحقيق «التوحيد».