الحوض المنجمي هذا الاسم المحيل على جبال الفسفاط بولاية قفصة ومعتمدياتها التي تحتضن فسيفساء اجتماعية قاسمها المشترك هموم الجهة وأزماتها، هذه الأزمات التي صارت تعصف بالجهة دون هوادة ورغم تعاقب الحكومات منذ الاستقلال إلى ما بعد ثورة 14 جانفي
فإن مدن الحوض المنجمي وشركة فسفاط قفصة بقيا دائما في واجهة الأحداث ولعل انتفاضة أهالي المناجم سنة 2008 زمن بن علي وما رافقها من أحداث مؤلمة كان الحل الأمني والمحاكمات الجائرة هما الحلّ في إخمادها لكن تلك الحلول وهذه الخلطات العجيبة التي نشهدها اليوم في الجهة ربما تكون صادرة عن سراج واحد وهو العجز عن تفكيك وتحليل خصوصيات الجهة والتركيبة السوسيوبسيكولوجية لقاطنيها. فأهالي المنجم عاشوا تراكمات من القهر والتهميش وغياب البرامج التنموية الواضحة والجريئة وهو ما خلق حالة من اليأس وعدم الثقة في نفوس شباب المنطقة ولأنهم كانوا المبادرين بإعلان الرفض لسياسة العهد البائد فإن تركيبتهم النفسية أخذت جرعات كبيرة من الجرأة والرفض ساهم في تغذيتها ما صاحب الحملة الانتخابية الأخيرة من وعود اجتماعية لا علاقة لها بانتخابات مجلس وطني تأسيسي سرعان ما تبخرت بعد 23 أكتوبر وهو ما عمق أزمة الثقة بين شباب الجهة والحكومة التي صارت مطالبة بحل جذري لوقف نزيف الحوض ولأن الشباب صار يريد الكثير والسلطة لا تستطيع تلبية مطالبه وقع التصادم ولم تعد سياسة الوعود و«خذ وطالب» ذات جدوى فحتى الانتدابات الأخيرة بشركة الفسفاط فقد أخمدت نارا وأشعلت حريقا والسبب الرئيسي في ذلك ليس المقاييس المعتمدة بقدر ما هو حالة الارتباك التي صبغت صدور النتائج قائمة أولى للناجحين في نوفمبر من العام الفائت وقائمة ثانية وأولية مؤخرا ان هذا التردد والارتباك لا يمكن أن يعالج الأمر وإنما هو سبب كبير في تأجيج الوضع وهذه الأزمة التي أضحت ككرة الثلج تتطلب قرارات جريئة لصالح الجهة تغيب فيها التجاذبات السياسية ويتم تشريك كافة مكونات المجتمع المدني في الحوض المنجمي لاقتراح الحلول وتفعيلها وتتطلب أيضا الكثير من الصبر من الجهتين الشباب الغاضب وأهل القرارفي البلاد وهذا لن يحصل إلا بتوفر الإرادة الصادقة التي لا مكان للفردانية والانتهازية فيها.