عرف الأسبوع المنقضي عدّة أحداث وتطورات تتعلّق بالشأن السياسي وغيرها من المواضيع الاقتصاديّة والاجتماعيّة، «الشروق» استطلعت آراء وتقييمات وانطباعات السيّد العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة (رئيس المكتب الثقافي). الاعتصام هو من ضمن اعتصامات قام بها شباب الثورة تختلف مواضيعها ومناسباتها وقد دام اعتصام التلفزة أكثر من 50 يوما وكان مطلبه أن يكون الإعلام إعلام ثورة باعتبار أنّ هذا الشباب ليس له انتماء حزبي بل هو شباب مرجعيته أهداف الثورة وقد لقي تعاطفا من جانب كبير من الأطراف السياسية، وكان مطلبهم مطلبا شعبيا تلتقي فيه مع أطراف سياسية وإعلاميين ناضلوا في عهد بن علي وكانوا ضحايا النظام السابق. والمعتصمون لم يكونوا يتصورون أنّ الوضعية ستستمرّ إلى ذلك الوقت وكانوا ينتظرون من الحكومة القيام بإجراءات وأن يتفاعل العاملون في التلفزة ولكن أبطأت الحكومة وأبطأ الإعلاميون، بل إنّ البعض يرى أنّ الوضعية تطوّرت في التلفزة وأن الوضع لا يمكن أن يكون أفضل ممّا هو الآن وأصبح البعض يلقي المسؤولية على ضعف الإمكانيات والتجهيزات، ولكن مهما كانت الأسباب بقي الإعلام على ما هو عليه. الاستشارة الوطنية حول الإعلام أرى أنّ الإعلام لا يمكن أن يُصلحه الفاسدون بل يصلحه من يؤمن بضرورة القطع مع الماضي والمدعوون إلى المشاركة في هذه الاستشارة لم تتم دعوتهم على أساس حزبي بل شارك فيها النقابات وإعلاميون من أهل المهنة، وأخشى أن تكون هذه التعلات والتبريرات لمقاطعة هذه الاستشارة تهدف إلى إحراج الحكومة والتهرّب من التعجيل بالإصلاحات. والمشكل في رأيي أنّ مقاربة نقابة الصحفيين للأمر ليست سليمة، لأنها ترى أنّ الحكومة تريد تركيع الإعلاميين وبالتالي وضعت نفسها في موقع من يقاوم خيارات الحكومة وسياستها، والحال أنّ هذا ليس من مقاصد الحكومة وأهدافها بل على عكس ذلك كان المعتصمون أمام التلفزة يلومون الحكومة بأنها سلبية ويعيبون عليها أنها لا تتدخّل وليس العكس. وبالتالي أعتبر أنّ موقف نقابة الصحفيين هو موقف سياسي رغم أنّ لدينا علما بأنّ النقابة نفسها طلبت الحوار مع الحكومة بعد تصلّب وأصبحت على قناعة بأنّه لا بديل عن الحوار ومن ثمة فإنّه من الضروري أن نوفّر شروط الحوار ونلتزم بنتائجه وأي تضييع لفرص الحوار هو تضييع وقت على العاملين في قطاع الإعلام وبالتالي فإن قرار مقاطعة الاستشارة ليس مدروسا ولا مناسبا. برنامج الحكومة خطاب رئيس الحكومة أمام المجلس التأسيسي هذا الأسبوع هو في نفس الخط الإصلاحي للحكومة، فهذه حكومة ثورة وإصلاحات في مختلف القطاعات والمجالات وقد وضعت أسس الإصلاح وبدأت بما هو عاجل يقينا منها بأنّ المطلوب اليوم هو الالتزام بإعداد الدستور الجديد في آجاله والاهتمام بملف شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام ووضع إطار لعمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإعداد القانون الانتخابي، فهذه هي أسس العمل في المرحلة القادمة. أمّا على المستوى الاقتصادي فهناك انطلاقة جديدة ومؤشرات مشجّعة وما قدّمته الحكومة ليس برنامج تقشف وستكون الحكومة ملتزمة بما أعلنته وستتحمل مسؤوليتها في الاهتمام بكلّ القطاعات والفئات وستعمل على تنمية المناطق الداخلية وتخصيص ميزانية محترمة لذلك وللحكومة أيضا برنامج تفصيلي لبرنامجها تعمل على تفعيله، وسنرى ثماره خلال الأشهر القادمة. أمّا بخصوص التحفظات التي أبداها البعض على مسألة التعويض للمساجين السياسيين فأوضح أنّ لدينا قانون العفو التشريعي العام وأن التعويضات هي جزء من هذا القانون، بل إن هناك مطالبة قوية بتفعيل هذا القانون وهذا الأمر طُرح حتى على الحكومة السابقة وهي ملتزمة به لكنها لم تنفذه في الواقع لأن الأمر يتطلب شيئا من الوقت... فهذا إذن هو من أولويات الحكومة الحالية لأنه يرتبط بمسار العدالة الانتقالية ومن مقتضيات العدالة الانتقالية التعويض للضحايا وجبر الضرر... هذه ليست أموالا مهدورة بل هناك مسؤولية أخلاقية وسياسية للدولة تجاه مواطنين هي معنية بحمايتهم وضمان حقوقهم، وهذا الإجراء يندرج في سياق دخول المتضررين في الدورة الاقتصادية وبالتالي فهو ليس على حساب التنمية أو على حساب أولويات أخرى بل هو في صلب فلسفة وتصور المرحلة القادمة. زيارة المرزوقي إلى قطر والكويت أعتقد انّ دول الخليج هي دول عربية وإسلامية تجمعنا بها روابط وثيقة فهم أصدقاؤنا وأشقاؤنا وشركاؤنا ومن البديهي أن يزور الرئيس مثل هذه الدول التي عندها ميزة ويمكن أن تسهم في مرافقة مسارنا عبر الاستثمار ودعم برامجنا التنموية وتوفير سوق لعديد الكفاءات الوطنية المشهود لها. وهذه الزيارة يؤمل منها الكثير فهذه الدول عبرت عن مساندتها لثورتنا وعن رغبتها في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي ولا يمكن اليوم إلا أن نقابل إرادتهم إيجابيا، بل إن زيارة المرزوقي تأخرت بعض الوقت وقد كان من الممكن أن يكون انفتاحنا على هذه الدول منذ عهد حكومة الباجي قائد السبسي ويكون عمل الحكومة الحالية متمّما لمسار كان ينبغي أن يكون قد بدأ.