تحوم ظلال من الشكّ حول الوفاة المسترابة لوزير النفط الليبي السابق «شكري غانم» بعد أن اكتشف عابر سبيل بالصّدفة !! جثته وهي تطفو فوق ماء نهر «الدانوب» يوم الأحد 29 أفريل في «فيينا» على الساعة 8و40د. وكان «شكري غانم» قد شغل منصب رئيس الوزراء في ليبيا من سنة 2003 إلى سنة 2006. وخلفه في المنصب «البغدادي المحمودي» الذي أكّد ما كشفته صحيفةmediapart عن تمويل نظام العقيد معمّر القذافي لحملة «ساركوزي» بمبلغ قدره50»مليون يورو» وتأتي وفاة أحد رجال العقيد الأقوياء بعيْد كشف الصحيفة الفرنسية لهذا التمويل الليبيّ، وفي الوقت الذي بدأت فيه أصوات ترتفع داعية إلى فتح الملفات الحساسة المتعلّقة بصفقات الأسلحة والنفط بين أوروبا وليبيا زمن حكم العقيد «معمّر القذافي»
وتثير حادثة وفاة «شكري غانم» الشكوك من أوجه عدّة.ففي البداية أعلن صديق للعائلة يدعى «عامر البياتي» أن الوزير الليبيّ توفيّ في منزله بسبب نوبة قلبيّة.ونزل هذا الخبر في وكالات الأنباء يوم الأحد على الساعة 17و55د.وبعد أقل من ساعة كذّبت الشرطة النمساويّة هذا الخبر وأكدت العثور على جثّته في نهر «الدانوب».
وكان الوزير الليبي «شكري غانم» قد أسرّ لأقاربه ومعارفه، بأنّه مراقب ومُتابَع في الأيام الأخيرة.ومعروف عنه أنّه لا يحسن السباحة بسبب إعاقة في إحدى يديه. في «فيينا» حيث عُثِر َ على جثّته، يشكّك أصدقاؤه في الرواية التي تقول إنّه كان يتجوّل بمفرده في ذلك الوقت لأنّ من عادة «شكري غانم» أن يستيقظ في ساعة متأخّرة. ويرفضون فرضية الغرق أو الانتحار.
ويغلّبون فرضية الاغتيال. وحتّى الشرطة التي فتحت تحقيقا في الغرض لا تستبعد أن يكون الوزير الليبي قد قُتِلَ. ويرى كثير من المتابعين لحادثة الاغتيال أنّ القضاء عليه قد يكون بغاية دفن أسرار الصفقات المشبوهة بين «ليبيا» و«أوروبا» التي لا يعرفها إلا هو وقليل من المقرّبين من العقيد الليبي «معمّر القذافي»
وفي عالم الاستخبارات يعدّ «شكري غانم» رجل الأسرار الثمينة الذي «يعرف أشياء كثيرة» عن شبكة العلاقات التي عقدها نظام العقيد مع أوروبا طيلة فترة حكمه ،والتي هي الآن محلّ أبحاث مفتوحة لكشف أسرارها خاصّة بعد أن احتدم الصراع على «الإليزيه» في فرنسا بين «نيكولا ساركوزي» و«فرنسوا هولاند» واستعملت قضيّة «التمويل الليبي لحملة ساركوزي» في المعركة.
وحسب شرطة «فيينا» كان «شكري غانم» على علاقة بصحفي أجنبيّ.وهذا الصحفي قد كلّمه من «ليبيا» قبيْل موته. وهي تحاول أن تتبع هذا الخيط علّه يوصلها إلى القاتل المحتمل للوزير الليبي.
وصرّح الخبير البنكي الليبي «عبد الحميد الجنابي» للصحيفة النمساويةkurier أنّ «شكري غانم» كان يمسك ملف العلاقات الليبية الأوروبيّة وكان على دراية بالمعاملات المشبوهة.وأشار إلى أنّه يستعين بكثير من الشركاء ويمكن أن يكون هؤلاء هم الذين يريدون إسكاته
وقد وُجدت جثة الوزير الليبي فيcopaca gnana المكان الذي يقيم فيه الشباب احتفالاتهم كلّ ليلة السبت في العاصمة النمساويّة.وتشير النتائج الأولية للتشريح أنّ الجثة لم تبق في الماء إلا ساعات قليلة. وهي لا تحمل آثار عنف.والغريب هو أن يسقط «شكري غانم» في ذلك المكان الصاخب المليء بالحركة طوال الليل والنهار،دون أن ينتبه إليه أحد.و في ذلك السبت كان الطقس على غير العادة جميلا.
وتزداد الغرابة من القرار الذي اتخذته الشرطة في «فيينّا».إذ أجّلت،دون سبب مقنع، تسليم عائلته نتائج التشريح إلى الأسبوع القادم والحال أنّها يمكن أن تكون جاهزة بعد 48ساعة من الوفاة على أقصى تقدير!!