ككل المناطق التونسية عادة ما يتم الزواج في فترة الصيف هذه العادة دأب عليها الاجداد لتتواصل إلى حد الان لكن التحضيرات والعادات اختلفت بمرور الزمن، وهذه السيرورة التاريخية لمؤسسة الزواج ما انفكت تكاليفها تتعاظم من سنة إلى أخرى. في القديم كان الزواج يتم على البساطة والتقشف بقدر المستطاع أما الآن فالعكس حتى أن العريس يظل متداينا لسنوات عدة بعد الزواج والتي كانت في فترة ماضية عيبا على أي مقبل على الزواج.
كانت العادة في ولاية سليانة بان الزواج يمتد على فترة سبعة أيام بلياليها حيث يجتمع الاحبة والاقارب يحيون الاعراس على الطريقة التقليدية بدءا بالاغاني البدوية والشعبية والملاحظ ان كل عرش أو قبيلة لها أغانيها الخاصة حتى ان المعاني توحي اليك إلى أي منطقة تنتمي تلك القبيلة سواء قدمت منذ قرون من جهة الجنوب أو قبائل عربية قدمت ابان الزحف الهلالي أو تلك التي مستوطنة بعض الاغاني عادة ما تكون ممزوجة باللهجة البربرية أو الشلحة.
الاجواء في السابق تمتد كامل الاسبوع حيث يشرع اهل العريس بالتحضيرات لموائد الاكل والشرب وذبح الخرفان والابقار ومع كل حدث يشرع البعض في الغناء أو ما يسمى بالعامية القوال اي الذي يردد اشعارا غنائية فتلك تمجد العريس وأخرى تتباهى بالنسب ومصاهرة اهل العروسة.
الأجواء الاحتفالية تتخللها ألعاب ظلت متواصلة إلى حدود فترة السبعينات واواخر الثمانينات. العاب عادة ما يكون مضمونها إبراز الفتوة خاصة بالنسبة للباحثين عن زوجة تتمثل رفع حجارة ضخمة أو حمل ثلاثة شبان على الكتف دفعة واحدة.لعبة اخرى تعرف باللهجة العامية «بهايم باديس» وهي لعبة الركض بالتناوب ليكون الفائز هو من يصل للعروسة ويمد لها باقة الاكليل والصنوبر لتهديه بدورها حفنة من الحلوى والفائز يعتبر محظوظا لانه من الاوائل الذي سيفوز باجمل بنات القبيلة في المستقبل حسب المعتقدات
في الماضي كان التحول إلى اهل العروسة يسمى ب«العلاڤة» وهو موكب يجمع بين النسوة والرجال المتجهين نحو الأصهار حاملين معهم قفة مليئة بالحلويات المصنوعة محليا والسواك والعلكة حيث يتم عقد القران وامضاء ليلة في منزل الاصهار ومن الغد يتم زف العروسة إلى اهل العريس على ظهر حصان يسمى ب «الجحفية» ليتم الاحتفال حتى وقت متاخر من الليل واثناء دخول العريس على زوجة المستقبل يتم اطلاق ثلاثة عيارات نارية ايذانا بانتهاء الاحتفال.
الكرم وحسن الحفاوة هي من شيم اهل الريف في كامل ربوع سليانة حتى ان حالة الغضب اثناء الاحتفال عادة ما يتم التعبير عنها باطلاق عيار ناري حينها يتدخل الحكماء من الاصهار ليتم فض النزاع في الحين حتى يتواصل الاحتفال بشكل عادي البهرج والتباهي كان من اخر اهتمامات اهالي سليانة ولكن في المقابل فان الترحاب والحفاوة هي اهم الاولويات ليظل عرس فلان مضرب الامثال لدى الجميع
لكن وفي الوقت الاني فان المشهد قد تبدل تماما ليظل الترحاب والحفاوة من شيم سكان الريف وفي بعض العائلات التي تسكن المدن كما اصبح البهرج والتباهي من اهم الاولويات واضحى من المعتاد ان يظل العريس متداينا ولا هم له سوى التفاخر فالعادات اضمحلت بشكل تدريجي تكاد تكون منعدمة تماما والمقبل على الزواج تجده يعيش الغصرات بحكم غلاء لوازم تحضيرات العرس مما يجعل العديد من شبان ولاية سليانة في عزوف عنه إلى اجال غير مسمى ,لكن هناك نقطة انطلاق وحيدة بين الزواج في الامس والزواج في الوقت الحاضر الا وهي اهمية المصوغ لدى اهالي سليانة.