احتضنت تونس من 1 الى 6 ماي الجاري الدورة 11 للمهرجان الدولي للرقص المعاصر، لكن هذا العام كان بتسمية جديدة «تونس عاصمة الرقص». هذه التظاهرة التي تنظمها «ناس الفن»، وتديرها السيدة سهام بلخوجة استقطبت هذا العام جمهورا غفيرا من عشاق فن الرقص، والحقيقة ان استقطاب الجماهير ليس غريبا او جديدا بالنسبة لهذه التظاهرة التي تجاوز عمرها العشر سنوات.
لكن الجديد في هذه الدورة هو قيمة بعض العروض المبرمجة على غرار العرض السويسري «المجرّات العنكبوتية» للسويسري جيل جوبان، وخاصة عرض «الطريق العمودي» للفنان العالمي أكرم خان الذي يعتبر أحد أشهر مصممي الرقصات في العالم.
الفنان أكرم خان من أصل بنغلاديشي ويحمل الجنسية البريطانية متشبع بالثقافة الصوفية، وبغنائيات الشاعر الفيلسوف الفارسي جلال الدين الرمي لذلك جاء عرضه مشبعا بالأجواء الصوفية على مستوى الموسيقى وايضا على مستوى الحركات التي ارتكزت بالأساس على دوران الجسم والاذرع.. مع مزجها بالإيقاعات الموسيقية الهندوسية التي ترتكز على الأقدام في حركات تتراوح بين السرعة والسكون.
عرض «الطريق العمودي» الذي سبق وان عرض في لبنان وفلسطين وقطر بين شهري أفريل 2011 وفيفري 2012، يعتبر عرضه في تونس حدثا ثقافيا بارزا. العرض جمع بين ليونة الاجسام وجمالية الحركات والتصميمات لكن ايضا التوظيف الممتاز للانارة والمؤثرات في صياغة لوحات فرجوية من الطراز الرفيع، وليس هذا فقط، فإن من نقاط القوة في العرض الموسيقى التصويرية التي وضعها الموسيقار نيتين ساوهني. «الطريق العمودي» رحلة صوفية لطلب الانعتاق من المسائل الدنيوية في اتجاه الخلود.
اذا كان عرض «الطريق العمودي» هو الحدث في مهرجان «تونس عاصمة الرقص»، فإن برنامج التظاهرة كان ثريا بالعروض الأجنبية والتونسية أيضا وهو أوجد حركة غير عادية بتونس العاصمة طيلة أسبوع لكن الملفت هو ضعف الاهتمام الاعلامي وهي ظاهرة لاحظناها في جل التظاهرات والعروض التي تقام منذ فترة وكأن الثورة جاءت لتهمش الثقافة.
وليس لوسائل الاعلام وخاصة منها لمرئية اي مبرر لهذ الغياب باعتبار ان «ناس الفن» قامت بحملة دعائية ووفرت للاعلاميين كل الظروف الملائمة للعمل لكن التجاوب لم يكن في حجم الانتظارات، ويبدو ان السياسة غطت على بقية أنشطة الحياة في حين ان الثقافة هي قاطرة الشعوب.