بعد أن اقتحم مطالبون برحيل الوالي مقرّ ولاية يوم الأربعاء الماضي وقاموا بطرد الموظفين،عاد المحتجون وبأكثر قوّة الإثنيْن 21 ماي وتجاوزوا الأسلاك الشائكة التي تحيط بمقرّ الولاية وتمكّنوا من اقتحامها في حدود الساعة العاشرة صباحا. ولم تستطع قوات الجيش والأمن الرابضة أمام المقرّ منع المتظاهرين من الدخول. وتمّ إطلاق القنابل المسيلة للدموع في الهواء لتفريق المحتجين لكنّهم كانوا مصرين على طرد الوالي الذي اعتبروه عنصرا معرقلا للتنمية في الجهة وشارك في الحركة الاحتجاجية اتحاد المعطّلين عن العمل، ومجموعة stop chomage وآخرون ضاقت بهم السبل ولم يجدوا غيرَ التظاهر تعبيرا عن استيائهم ممّا يجري في مدينة «قابس». وقد نتج عن الاقتحام والتدافع تهشيم بعض بلّور البناية ،وبعض الأبواب.
وقد جاء إلى مقر الولاية أحد القاطنين قرب الولاية وأشار إلى أنّ ابنه الذي لم يتجاوز عمره 21 يوما قد تأثر بالغاز المسيل للدموع مما اضطره إلى حمله للمستشفى وهويحمّل الأمن مسؤولية ما سيجري له. وبعد أخذ وردّ دخل وفد عن المحتجين إلى الولاية للتفاوض مع الوالي . وكانت «الشروق» حاضرة في هذه الجلسة القصيرة التي اكتفى فيها الوفد المفاوض بإعلام السيّد الوالي بأنهم جاؤوا يمثلون المحتجين وأهالي «قابس» وهم لا يطلبون غير رحيله الفوري. فردّ الوالي«بلغني الأمر وسأبلغه إلى رؤسائي». وقد رفض الوفد المفاوض الجلوس في قاعة الاجتماعات للاستماع إلى الوالي أو التحاور معه وطلب منه إعلان رحيله عبر الإذاعة أوأي وسيلة إعلام أخرى. وهدّدوا بالعودة لاقتحام الولاية من جديد إذا ما أصرّ على البقاء. السيّد الوالي قال في حديث جانبيّ للشروق :«إنّي في مكتبي أؤدّي واجبي فإذا ما اقتضت المصلحة أن أغادر سأترك منصبي وإذا ما اقتضت أن أبقى فأنا هنا أواصل تحمّل مسؤولياتي» وقد توصّلت الشروق ببيان صادر عن«اتحاد المعطلين عن العمل» وعن مجموعة«stop chomage».
وتضمّن هذا البيان الأسباب التي دعت المحتجين إلى المطالبة بطرد الوالي. إذ اعتبروه رافضا للحوار مع المعطلين عن العمل، ومهمشا لمطالبهم . كما اتهموه بإهانة أهالي «قابس» واعتماده سياسة التسويف والمماطلة والوعود الزائفة .واتهموه بأنّه تعامل بلامبالاة مع مطلب تركيز إدارة جهوية لشركة سكك الحديد.
روائح الغاز المسيل للدموع انتشرت في المكان وأثارت هلعا في صفوف موظفي الإدارات المحيطة بالولاية وفي صفوف السكان القاطنين في محيطها. وقد عبّر كثير من المحتجين عن استنكارهم لاستعمالها في صدّ هم خاصّة وقد أعلنوا صراحة أنهم لا يريدون الاعتداء على الموظفين أواستهداف مبنى الولاية بسوء بل كلّ ما يطلبونه هو رحيل الوالي الذي تجمعت عناصر تؤكّد أنّه لا ينفع الجهة.وقد سبب انتشارها في تجمّع الناس حول مقر الولاية لاستجلاء ما يجري خاصّة وأنّ المدينة عرفت هدوء نسبيّا بعد أحداث 14جانفي، وغابت منذ مدّة أجواء التصادم بين المواطنين وقوات الأمن.
وبعد أن انفضّت الجلسة التفاوضية على عجل ،غادر المحتجون المكان في انتظار ما ستسفر عنه الساعات القادمة. وقد أجمعوا على العودة في حال لم يحسم أمر الوالي في الساعات القليلة القادمة.
غاب المحتجون وبقيت الأسلاك الشائكة المبعثرة ، وبقايا زجاج مهشّم حول المكان وروائح الغازات المسيلة للدموع شاهدة على يوم مشهود تصاعدت فيه حدّة الاحتجاجات في «قابس» وتطوّرت بصورة مفاجئة.