من وجهة نظري، يجب أن تتواصل المهرجانات بصفة عامة، لكن بشرط إعادة صياغتها، وتنظيمها وتأطيرها، لأن الاشكالية في هذه المهرجانات أنها كانت دائما «مسيّسة»، وليست بيد أهل القطاع الثقافي.
ثم إن شعار الترفيه هو أكبر خطإ في مهرجاناتنا لأن الترفيه عنصر بديهي، لكن الشعار الأساسي هو الرسالة الثقافية لكل عرض يقدم بهذه المهرجانات والذي، حسب رأيي المتواضع، غاب عن أغلب العروض التي شاهدناها في سنوات خلت وحتى خلال هذه السنة.
فالجمهور عندما، يحضر عروض المهرجانات، يجب أن يعود الى منزله وهو يرقص عقله، لا حزامه أو على أقلّ تقدير الاثنان معا. إذن المهرجانات الصيفية ضرورية لكن بشرط إعادة هيكلتها، وإعطاء كل عمل تظاهراتي ما يستحق من الاهتمام والتدقيق، وليس مجرد برمجة عرض والسلام، أو بالأحرى مجرد برمجة اعتباطية لا علاقة لها بالرسالة الثقافية ولا بالبعد الجمالي الذي ينهض بذائقة الجمهور.
وفي الوقت الراهن أرى أن المشروع الثقافي غائب وحضرت الاعتباطية الفنية مكانه وبالتالي حصل ما أسمّيه الانحدار الفني والثقافي، ومازلنا في مستوى هذا الانحدار. وحتى تكون لنا مهرجانات شبه حقيقية في هذه الصائفة يجب أن تكون ذات خصوصية، ليس كما كان الأمر في السابق، فمثلا حضرت في صوّاف منذ سنوات تظاهرة تعنى بالتراث الشعبي، لكن المفارقة أن الافتتاح كان بحفل الفنانة صوفية صادق! كما قرأت مؤخرا عن تظاهرة تعنى بالمحافظة على التراث وفي برمجتها «دي دجي»! وما يمكن أن نخلص إليه أنه كثر الطفيليون والانتهازيون أو بالأحرى الانتصاب الفوضوي على المستوى الثقافي، وإن شاء اللّه نرى في الأيام القادمة بوادر حملة نظافة لإزالة الطفيليين الثقافيين أو أشباه المثقفين، كما هو الحال مع قرار وزير الثقافة أو تصريحه الخاص بمهرجان قرطاج الدولي، عسى هذا المهرجان الدولي يعود الى بريقه كما كان الحال في سبعينيات القرن الماضي.