نظمت المندوبية الجهوية للتربية ببن عروس مؤخرا ندوة جهوية بالمركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر برادس وبحضور عدد من الاطارات التربوية والمربين والمتفقدين وبعض الأولياء والتلاميذ بالجهة بمناسبة الاحتفال بالأسبوع الوطني الأول للمطالعة والنهوض بالمكتبات المدرسية. الندوة حملت شعار «المطالعة بالوسط المدرسي الواقع والآفاق»تحت اشراف المندوب الجهوي للتربية السيد الشاذلي الرحيمي الذي افتتح هذا اللقاء بتشخيص واقع المكتبات المدرسية قصد الوصول الى تحديد خطة جهوية ووطنية للنهوض بالمطالعة داخل المؤسسات التربوية وتشجيع التلاميذ على الاقبال عليها.
المداخلة الأولى للأستاذ نور الدين بن غربال المسؤول عن التنشيط الثقافي والرياضي بالمندوبية جاءت في قالب توطئة حول واقع المكتبات بالمدارس والمعاهد حيث تعرض بالذكر لبعض الاحصاءات التي تفيد أن هناك عزوفا عن القراءة والمطالعة وطرح بالمناسبة سؤالا حول نوعية اختيار المواضيع ماذا يقرأون؟ أجاب المتدخل أن الدراسات أثبتت أن أغلب القراء يهتمون بقراءة المصحف الكريم ،الموسوعات ،المراجع، والمعاجم وكلها تقرأ في نطاق الدراسات الأكاديمية والبحوث لاغير وهنا يتوجه بالسؤال هل كل قراءة مطالعة؟ تعرض السيد نور الدين بن غربال بالنقد الى الوضعيات الرديئة للمكتبات المدرسية بكافة أنحاء الجمهورية لا سيما منها جهة بن عروس التي تعد 150 مدرسة ابتدائية جلها تفتقر الى فضاءات مطالعة ومكتبات مدرسية حيث تشتمل على 7 مكتبات و14 قاعة مطالعة أما بالنسبة للمدارس الاعدادية والمعاهد فعددها 62 ولا تشتمل سوى على 15 قاعة مطالعة والبقية هي عبارة عن مخازن للكتب المتناثرة والمهترئة باستثناء 4 فضاءات للموارد بكل من المدرستين الاعداديتين الشابي بن عروس و2 مارس الزهراء ومعهدي طه حسين مقرين وفرحات حشاد برادس وهنا ثمن المتدخل هذا الاجراء الذي قامت به وزارة الاشراف خلال السنتين الأخيرتين داعيا الى مزيد احداث مثل هذه الفضاءات ببقية المؤسسات التربوية، ثم أضاف بأن جل المكتبات غير متعهدة بالصيانة وغير مزودة بالكتب الضرورية مع عدم وجود أمناء مكتبات مختصين وما زاد الطين بلة أنه ليس بالمدارس الابتدائية ميزانية تسمح بشراء كتب المطالعة لتأثيث المكتبات ويبقى ذلك رهين التبرعات أو ما تجود به وزارة التربية من كتب وحتى المعاهد والاعداديات فليس لمديريها الحق لشراء كتب ضمن ميزانية المؤسسة ثم تطرق الى ضرورة تعميم قاعات المطالعة وتكوين أعوان أو انتداب مختصين في التصرف في المكتبات وتشجيع دور النشر على التعاون مع المؤسسات التربوية والسماح لها بالقيام بمعارض داخل هذه المؤسسات لتقريب الكتاب من التلميذ. اتفاقيات شراكة
واقترح الأستاذ والشاعر سوف عبيد ضمن مداخلته عقد اتفاقيات شراكة مع اتحاد الكتاب التونسيين والنادي الثقافي أبو القاسم الشابي لوضع كل أنشطة الأدباء الناشطين والمنضوين تحتها على ذمة المدارس والمعاهد علما وأن ولاية بن عروس تزخر بالمبدعين من الأدباء والشعراء لذا وجب دعوتهم للتفاعل معهم واثراء المكتبات بانتاجهم ودفع التلاميذ الى الاحتكاك بهم أما السيد حسن الأقرم أستاذ اللغة العربية بمعهد طه حسين مقرين فقد تطرق الى ضرورة تغيير المناهج والطرق المعتمدة في المطالعة وعدم الالتزام بساعات التدريس داخل الفصل ويرى وجوب ابرام اتفاقيات شراكة مع المكتبات العمومية خاصة المجاورة للمؤسسات التربوية ومع دور النشر والطباعة بهدف الانفتاح على المحيط ثم تدخل القصاص يوسف عبد العاطي لتحديد مفهوم المطالعة التي يمكن أن تبدأ انطلاقا من قراءة اللوحات التوجيهية في الشوارع والأنهج فالتونسي لايهتم بقراءة ما يكتب لذا وجب الاعتناء أكثر بالمطالعة التي لا تعني سوى الاطلاع على النصوص الأدبية ثم طرح سؤالا هل الأطفال يمتلكون مهارة التعامل مع الحاسوب من خلال عمليات ذهنية أم عن طريق التعود؟ ثم تطرق الى التجربة اليابانية والكتاب الالكتروني فهو يرى أن الانتاج الالكتروني أداة اتصال جديدة وليست انتاجا جديدا . عرض لبعض التجارب
وتم خلال هذه الندوة الاستماع الى بعض التجارب الناجحة في ميدان الترغيب في المطالعة لبعض الأساتذة والمعلمين مع منظوريهم من التلاميذ فالسيدة ليلى عرجون أستاذة فرنسية بمعهد حي السلام بومهل ترى ضرورة ملحة الى تنقل التلاميذ الى بعض المكتبات خارج المؤسسة ليتصلوا مباشرة بالكتاب ويستأنسوا به وقد مرت بهذه التجربة من خلال القيام بتوأمة مع مكتبة شارل ديغول بتونس ووقفت على النتائج الباهرة التي حققها تلامذتها كما تدعو بالمناسبة الى العمل داخل الورشات لمسرحة بعض القصص ثم أضافت أن هذه التجربة أثبتت مدى تعلق التلاميذ بالقصة وبالأوبيرا كما ترى عدم الاكتفاء بالندوات بل يجب تفعيل دور المكتبات المدرسية واثرائها، ثم تتالت العروض لبعض التجارب مثل تجربة السيدة زهرة سلام مديرة المدرسة الابتدائية شارع الجمهورية بالزهراء التي عملت رفقة زملائها على تحفيز التلاميذ للمطالعة من خلال أيام تنشيطية بعنوان «المدرسة تطالع» حمل التلاميذ أثناءها شارات على صدورهم «صديق الكتاب».
تواصلت المداخلات من قبل بعض متفقدي المواد المعنية بالمطالعة باللغات الثلاث اضافة الى بعض التجارب بالمدارس الابتدائية منها تجربة المعلمة فاطمة الصغير من مدرسة برج الوزير بالزهراء التي رغبت تلاميذها عبر استغلال المكتبة المتجولة التي تزور المدرسة من حين لآخر. اختتمت الندوة بتوزيع الجوائز على التلاميذ المتفوقين واسناد شهائد تقدير لكافة المساهمين في تنشيط هذا اللقاء .