تضاربت مواقف التونسيين من ظاهرة الاعتصامات والإضراب عن العمل حدّ التناقض والاختلاف بين شقّ من المواطنين يعارضون الاضراب خاصة في القطاعات الحسّاسة وشقّ آخر يعتبره حقّا مشروعا. الكثير من المواطنين أظهروا استياء من الاضراب عن العمل ليس بسبب مدى المشروعية لكن من منطلق الغيرة على اقتصاد البلاد. فالسيد فادي اللاعْلاَبي أكد أنه يعارض الاضرابات في القطاعات الحساسة مثل التعليم والطب والمحاكم لأنها تعود بالضرر على النشاط الاقتصادي. ويقول «أعتقد أن كثرة الاضرابات والاحتجاجات تشلّ الحركة الاقتصادية وتؤثر على جودة الخدمات ليكون المواطن البسيط هو الضحية. وأشار الى أن الثورة قامت لأجل تطوير وتعصير القطاعات وليس من أجل تعطيل الخدمات الادارية والدراسة.
ويعتبر السيد عبد الستار سعيدان أن كثرة الاعتصامات والاضرابات مسّت قطاعات حيوية وأدخلت البلاد في منعطف ومنزلق خطيرين. وتابع «التونسيون اختلطت عليهم الأمور ولم يعودوا يميزون بين الحابل والنابل وأصبحوا يعيشون الفوضى والغموض وللأسف الدولة فقدت هيبتها ولم تعد قادرة على القيام بأي شيء سوى مجرّد تطمينات.
كما أن ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية وبروز أعمال العنف من طرف بعض المجموعات زادا من تعميق الشعور بعدم الطمأنينة والغموض لدى المواطن. ومن جهته قال السيد سفيان «أصبحنا ننام ونصحو على أنباء الاعتصامات والاضرابات في الوقت الذي نحن في حاجة الى الاتحاد ومضاعفة العمل والجهد من أجل إعادة الاقتصاد والسياحة الى سالف نشاطهما.
وأضاف «كل القطاعات في تونس مرتبطة ببعضها البعض فإذا تأثر أي قطاع منها تضرّرت البقية، كما أن الخدمات الادارية داخل المستشفيات وفي أروقة المحاكم ازدادت تردّيا.
وأكد على أن الجهات المسؤولة مطالبة بالتدخل وإيجاد حلول جذرية للإضرابات الخاسر الأكبر فيها هو المواطن. ورغم أن العديد من المواطنين يعارضون فكرة الاضرابات خاصة في المجالات الحيوية مثل التعليم والصحة والمحاكم والنقل، فإن هناك من يعتبرها ظاهرة صحية وحقّا مشروعا.
فالسيد منتصر يقول «نحن في مرحلة الانتقال من مرحلة الى مرحلة أخرى ومن البديهي أن تكثر الاحتجاجات والاضرابات وأغلب الثورات التي حصلت في العالم عقبتها الاحتجاجات وكثرة المطالب التي تتمحور بالخصوص حول تحسين وضعية العمال الاجتماعية. كما اعتبر السيد محمد أن الدولة هي المسؤولة عن كثرة الاضرابات لأنها تجاهلت مطالب النقابات ولم تتعامل معها بجدية.
وأضاف «الإضراب عن العمل حقّ من الحقوق المشروعة ولكن هذه الحكومة لم تحسن التعامل معها ولم تقدر على الحدّ من تأثيراتها في الداخل والخارج وإضرارها بمصالح المواطنين».
وبين المعارضة (معارضة ظاهرة الاضرابات) والتأييد هناك شقّ آخر من المواطنين يتخذ موقفا توفيقيا. فالسيد الحبيب رحماني أكد أن «من حقّ المعلّمين والأطباء وأعوان المحاكم والقضاة أن يطالبوا بتحسين أوضاعهم وبتوفير ظروف ملائمة للعمل لكن عليهم أن يراعوا مصلحة المواطن والتلاميذ خاصة ونحن على أبواب فترة الامتحانات، وكان عليهم أن يغيّروا في طريقة التعبير عن الاحتجاج بارتداء الشارة الحمراء مثلا حتى لا تتعطّل مصالح المواطنين».
أما السيدة سامية فقد قالت «الاضرابات شكل من أشكال الاحتجاج السلمي والحضاري والتعبير عن موقف معين وتبليغ فكرة.. ولكن كان على مختلف الأطراف (نقابات، أحزاب..) تغليب المصلحة العليا وأخذ هدنة لأن الاقتصاد التونسي لم يعد يتحمّل أكثر مما تحمّله من جرّاء توتر الأوضاع وكثرة الاحتجاجات والاعتصامات».