(تطاوين) ... توفي اسكندر المقدوني او قتل في العراق، وكان سبب وفاته الخوف على الهيْلنة والذين استدعوا له الموت، تفرقت بهم السبل بعده. حيث ذهب بطليموس الى مصر وكون بها سلالة حاكمة (الدولة البطلمية) وذهب سلوقس الى سوريا وكون بها الدولة السلوقية. وكانت العراق تابعة كما حدث في الدولة الاموية. ونصّب سلوقس ابنه اميرا على العراق يرجع اليه بالنظر. واستمر الانصهار في الحكمة الشرقية، واصبح ضباط الاسكندر ملوكا شرقيين لهم من الغلظة والتشبث بالسلام عليك ايها الامير ككل امير. وطبعت الجغرافيا الملوك بطابعها الخاص فكان كل شيء خرافيا... ونمت الفكرة في ذهن الوالي المتدفق حيوية وحدثته نفسه بالانفصال عن والده سلوقس ملك سوريا وقصة انفصال الاقليم العراقي عن السوري كانت دائما فاجعة ... وهكذا صكّ الامير عملة خاصة، فكانت تلك الحركة نهاية المطاف، حيث أمر والده بقتله. فالتمرد له مساوئه. ثم تكررت الصورة في عهد هارون الرشيد الذي قرر ذات يوم الاطاحة بوزارة البرامكة، وقد تعددت التاويلات قال البعض: «ان السر وراءه العباسة» وقالوا «وراءه تعاظم النفوذ». الا ان القول الفصل هو ذلك الدينار الذهبي المحفوظ في متحف دمشق الذي يحمل اسم خالد دون القاب. وبذلك قضى خالد الذهبي على خالد البرمكي. ومرة اخرى والآن في العهد العثماني والتمرد يقتل المارد عادة، حيث تعاظم امر الامير مصطفى ولي العهد وكان يعسكر بعيدا عن العاصمة، ويحظى بتأييد الانكشارية وربما حدثته نفسه بالانفصال عن سلطة والده سليمان القانوني... فكان مصيره الخنق في خيمته، ثم شيعه والده بهمة حزينة على امير مخنوق... وأسدل الستار على فصل رهيب من فصول التجاوز، وانفتح الباب عريضا امام سليم الثاني المهموز فيه خليفة. وقد عرف سليمان الخانق بالمانيفيك (magnifique) أي البديع او الرفيع... ولا أدري مدى مطابقة هذا الوصف المصطلح الذي عُرف به لدى الشعوب العربية (سليمان القانوني). وتمر السنون ومنها المتشابهات... الى أن تقرر الحكومة العراقية التعامل «بالاورو» بدل «الدولار» فكان ذلك القرار هو الطلاق البائن والفصل بين الجد واللعب. ومرة اخرى يجني العراق على حكامه، ويزين لهم اللعب بالمحظور الابدي في التاريخ وهو التحرر الاقتصادي. وهكذا فإن سليمان القانوني ليس هو سليمان البديع. وفي الحروب الويل للمغلوب.