نظمت مؤخرا جمعية 17 ديسمبر ندوة حول برنامج الحكومة لسنة 2012 الخاص بالجهة احتضنها قصر السايح للمؤتمرات تحت شعار «شهداء سيدي بوزيد يسألون أين التنمية؟» هذه الندوة تناولت بالدرس المنوال التنموي الحكومي كما شخصت مختلف جوانبه. واكبت «الشروق» فعاليات هذه الندوة التي كان عدد الحضور فيها متوسطا للغاية رغم حضور مجموعة من الاساتذة الجامعين بالاضافة الى اعضاء الجمعية لادارة هذه الندوة لكن النقطة السوداء هي غياب المسؤول الاول عن الجهة ونعني بذلك الوالي هذا اضافة الى عدم حضور بعض من ممثلي الجهة في المجلس الوطني التأسيسي.
وكان التواصل مباشرا بين ممثلي الجلسة والحاضرين حول البرنامج المخصص من طرف الحكومة لولاية سيدي بوزيد لسنة 2012. وقد كانت مداخلات اعضاء اللجنة تصب في خانة واحدة وهي غياب برامج واعدة وناجعة للمنطقة سواء على مستوى الصحة أو التنمية أو التشغيل أو الاستثمار.
وتتمحور جل المدخلات حول الهوة الشاسعة بين برنامج الحكومة ومطالب اهالي الجهة المتعلقة اساسا بالتنمية الجهوية العادلة وايجاد ارضية ملائمة لبعث مشاريع استثمارية من شأنها ان تقلل من عدد العاطلين عن العمل وهو ما عبر عنه السيد عمر زعفوري استاذ جامعي اثناء مداخلة بضرورة اعادة هيكلة المجتمع كي تحقق التنمية وأشار الى ان مشروع بعث معمل الحليب بسيدي بوزيد ليس من شأنه ان يحل مشكلة الالاف من الفلاحين الذين سيظلون في تبعية دائمة لتعاضديات الحليب كما انه لن يوفر مواطن الشغل.
وأوضح السيد عمر زعفوري ان التنمية ليست قرارا سياسيا وان هناك اليوم ازمة ثقة بين المواطن والحكومة.
اما الباحث لمين بوعزيزي فقد عبر عن صدى ثورة الحرية والكرامة في مشاريع التنمية في سيدي بوزيد باعتبارها الشرارة الاولى للثورة التونسية ومن هناك الثورات العربية.
وبين عديد العوائق التي تحول دون تحقيق التنمية من ذلك فك مشكلة العزلة التي تعاني منها سيدي بوزيد والمشكلة العقارية المتعلقة بقانون 1995 حول ملكية الاراضي الفلاحية باعتبار خصوصية الجهة، كما أكد على ضرورة الاسراع بكهربة الآبار حتى تتوفر ظروف العمل.
أما مداخلة السيد محمد لمين قراوي استاذ جامعي فقد أرجع فشل الحكومة في الشروع الفعلي في برنامج التنمية بسيدي بوزيد الى عدم ربط الجهة بالجهات الاخرى سواء بالطريق السيارة أو عبر تمديد السكك الحديدية وفي نفس السياق كانت كل مداخلات الحاضرين حول استنكارهم للسياسية التي تعتمدها الحكومة تجاه ولاية سيدي بوزيد وألقوا باللوم على بعض اعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذين كانوا متواجدين داخل القاعة.
وحول مدى استجابة برنامج الحكومة لمتطلبات اهالي سيدي بوزيد حاولنا رصد بعض الآراء. فأوضح السيد لمين بوعزيزي ان الارقام التي تداولتها الحكومة حول برنامج التنمية في سيدي بوزيد في الظاهر تبدو أرقاما خيالية بل انه في حقيقة الامر المشاريع والميزانية المخصصة لسيدي بوزيد تحتوي على جزء كبير منها المشاريع التي هي انجزت أو بصدد الانجاز واوضح السيد لمين البوعزيزي ان التنمية لا يمكن ان تحقق في سيدي بوزيد الا اذا تم ايجاد حل للاراضي الدولية خاصة منها المتعلقة بقانون 1995 ومسألة الصحة والمناطق الصناعية والتطهير.
أما السيد كافي براهمي عضو بلجنة حماية الثورة فاعتبر ان هذه الندوة كانت محاولة لملامسة الحلول التي تتعلق بالولاية واوضح ان انجاز التنمية غير مبني على خيارات رسمية واعتبر البرنامج الذي خصصته الحكومة مجرد تسويق وهمي وهو عبارة عن مجرد عناوين قديمة لا علاقة لها بمشاكل التنمية الجهوية وطالب بضرورة إعطاء الجهات حقها في التنمية لا ترويج مشاريع ماضية منجزة وقال السيد كافي براهمي انه لا بد من تقليص الفوارق الجهوية في مختلف الخيارات الاجتماعية والاقتصادية حيث يتحوز الشريط الساحلي على 91 بالمائة من المناطق الصناعية في حين لا يتجاوز نصيب الجهات الداخلية سوى 9 بالمائة بالرغم من احتفاظ هذه الاخيرة بمختلف المواد الاولية.
أما السيد الحسين بدري (عضو المجلس الوطني التأسيسي) فقد علق على برنامج الحكومة المتعلق بالتنمية المخصصة للجهة انه عبارة على«ضحك على الذقون» ونوع من التسكيت والمماطلة.
واعتبر ان الميزانية التكميلية كانت مكافأة لبعض الاشخاص وابناء جهات دون اخرى وكان نصيب سيدي بوزيد مخجل جدا لا يتماشى وتطلعات ابنائها. واضاف «لو أسندت نسبة التشغيل لكل ابناء الولاية لما رضي القليل منهم باعتبار ان سيدي بوزيد رمزا للثورة التونسية وللثورات العربية».
وشهدت الندوة احتجاج عدد من المشاركين على طريقة ضبط البرنامج الخاص بولايتهم معتبرين انه لم يتم القطع مع السياسات الماضية التي عملت على تهميش المنطقة ومصادرة حقها في التنمية.
وطالبوا ممثلي الجهة في المجلس الوطني التأسيسي برفع مختلف اقتراحاتهم الى الحكومة المؤقتة والعمل على وضع تصور جديد للمشاريع الممكن انجازها بالولاية.