تحت إشراف المندوبية الجهوية للثقافة بسيدي بوزيد و بالتعاون مع دار الثقافة والمندوبية الجهوية للثقافة بالجهة, نظّم مؤخرا المركب الثقافي أبو بكر القمودي الدورة الثانية لملتقى «سوسيولجية الثورات العربية» التي أثارت موضوع «المشروع الثقافي التونسي ما بعد الثورة : الانتظارات والمآلات»، وقد سعى الأساتذة المحاضرون إلى البحث في عمق المشهد الثقافي التونسي ومحاولة تشريحه والوقوف عند أهمّ ما يميّز حاضره مع العمل على استشراف ما أمكن من مستقبله وفق انتظارات المثقفين أنفسهم والمتلقّي بشكل عام بعد الثورة ومن مختلف الجوانب..إشكاليات شغلت المثقف التونسي المتلقّي حول التغييرات التي طرأت على مختلف المجالات الإبداعية وواقع ثقافي جديد يثبّت أقدامه يوما بعد يوم وما يحمل معه من رسالات وأصوات جديدة. وقبل انطلاق الملتقى تمّ تدشين معرضين فنيين أحدهما للفنانين التشكيليين بسيدي بوزيد والثاني للخط العربي أمنته الفنانة هاجر براهمي. وترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ مصطفى العلوي حيث حاضر الدكتور سعد برغل في موضوع الإعلام الثقافي البديل ما بعد الثورة مؤكدا على تنوع الخطاب الإعلامي مبرزا دوره في رسم ملامح المشهد الثقافي ومذكرا بالمراحل التاريخية التي مر بها المشروع الثقافي الإعلامي حتى وصوله إلى المشهد الجديد الذي لم يتشكل بعد. ثم قدّم المداخلة الثانية الدكتور منير السعيداني والتي عنوانها: «نقد ثوري للثقافة أم نقد ثقافي للثورة» تناول فيها موضوع دور الإعلام في صنع المشهد الثقافي، مقترحا تأسيس مشروع جديد ينحت صورة متكاملة تكون في مستوى انتظارات المثقف التونسي من ثورته المجيدة. اما المداخلة الثالثة و الأخيرة في برنامج اليوم الأول فقد قدمها الدكتور عمر الزعفوري الذي تحدث عن أهمية التنشئة الاجتماعية في بناء المشروع الثقافي التونسي حيث كشف المنعرج الخطير الذي يمر به المشهد الثقافي و الاجتماعي في تونس مؤكدا على ضرورة معالجة النقائص بخلق بديل ثقافي جديد يكون كفيلا بتحقيق التوازن الاجتماعي ويؤسس لمشروع ثقافي يرتقي إلى مستوى الانتظارات. ثم كان الموعد بعد ذلك مع أمسية شعرية نشط فقراتها الشاعر محمد نجيب الهاني وأثثها الشعراء عبد اللطيف عمري ومحمود غانمي وهدى حاجي ومهى دبش. هذا و قد تضمن برنامج اليوم الثاني جلسة علمية ترأسها الدكتورعمر الزعفوري في مداخلة للدكتور عبد الواحد المكني حول الثقافة الديمقراطية حيث قدم مجموعة من التعريفات للثقافة والديمقراطية، محاولا تشكيل صورة الواقع الثقافي قبل الثورة التونسية وبعدها من خلال تعريفاته. الدكتور سمير الجوادي من جهته تساءل في مداخلته عن «أي خطاب بديل للبديل الثقافي» متطرقا إلى المغالطة الكبرى في رسم ملامح المجتمع التونسي قبل وبعد الثورة عبر خطاب مزدوج يخدم مصلحة المؤسسة فقط، فيما كان محور مداخلة الأستاذ فوزي الديماسي «الثقافة والثقافة البديلة»، حيث قدم صورة شاملة للواقع الثقافي اليوم مستشرفا واقعا جديدا يخضع لمشروع يرتقي بالمشهد التونسي إلى مستوى أهداف الثورة متطرقا إلى واقع المثقف في تونس وعلاقته بكل الأطراف مطالبا بضرورة قبول الآخر والمختلف دينيا وسياسيا. وبعد النقاش تم تقديم مجموعة من التوصيات العامة من طرف الدكتور عمر الزعفوري تدعو إلى تطوير هذه الندوة والارتقاء بها إلى مستواها الحقيقي وهو ما يستوجب حضورا دوليا لأهمية مباحث «سوسيولجية الثورات العربية» مؤكدا على ضرورة توثيق فعاليات هذه الدورة في إصدار، وما في ذلك من تأسيس لمشهد ثقافي إعلامي جديد في تونس بعد الثورة.