توصل حزبان سلفيان مؤخرا إلى الحصول على تأشيرة العمل القانوني وهما حزب الأصالة وحزب الإصلاح، فإلى أي مدى قد يقبل السلفيون بالانخراط في اللعبة الديمقراطية؟ وكيف ينظرون أصلا إلى الديمقراطية؟ نافيا انتماء حزبه للسلفية رضا بالحاج (التحرير) : لا نحتاج الديمقراطية في حضور الوحي
حزب التحرير ليس حزبا سلفيا البتة ومن يقول خلاف ذلك جاهل بالسياق التاريخي والمضامين والمقدمات التي يتبناها التيار السلفي الوهابي أو الحنبلي، انا أعتبر انه لا واسطة بين المسلمين والمصدر وهو القرآن والسنة حتى لو كان السلف الصالح أو الصحابة الكل يأخذ منه ويرد الا الرسول (ص).
ان توقف الاجتهاد عند جيل من أجيال السلف واعتبارهم مصدرا يجب الاقتداء بهم والارتهان لهم هذا نوع من الكهنوت وهو خطإ والاصل كما قفال الامام الشافعي «هم مسلمون ونحن مسلمون هم رجال ونحن رجال» والدليل ان السلف لم يستطيعوا الوصول الى نتائج صحيحة في زمنهم توصلنا اليها بعدهم ومثلا متى عرفنا ان الأرض كروية الشكل.
نحن ضمن الآية التي تقول «ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال اني من المسلمين» الاسلام مشترك بين الجميع ولا يمكن ان يتميز به توجه سياسي. بالنسبة للديمقراطية هي اجابة عن سؤال كيف نحكم؟ وطرح هذا السؤال في فترة حرجة من التاريخ الغربي أي في فترة حكم الكنيسة وكان الجواب الديمقراطية التي تخرجهم من سلطة الدين المزعومة مع ان النص المسيحي خال من التشريعات التي تهم السلطة أو كيفية الحكم.
الديمقراطية في ظل غياب الوحي تصبح طريقة مقبولة للحكم أما في حضور الوحي لا معنى لاعتماد الديمقراطية التي تضعنا في محل الاختيار بينها وبين الاسلام الذي يجب ان يؤمن النظام العام وضمنه هناك امكانية الاختيار والانتخاب.
يقال اننا لسنا ديمقراطيين وهذا ليس صحيحا فالديمقراطية تعتبر الدين شأنا خاصا وهذا اعتراضنا عليها لكن حين نؤمن نظام حكم اسلامي ضمنه يختار الناس من يولون عليهم والرسول (ص) قال اختاروا بينكم 12 نائبا وذلك فيه تمثيلية فعوضا عن الحديث مع الآلاف نتحدث مع 12 نائبا.
الديمقراطية نفسها موضع مراجعة الآن في الغرب فالمفكرون يقولون انها تحكم في الناس باسم الاختيار وقد ظهر تحكم رأس المال في الاختيار مثلا لا يمكن ان نخرج امريكا من النظام الر أس مالي فرؤوس الأموال تتحكم في الانتخابات.
في نظام الحكم الإسلامي هناك قاعدتان التشريع للشرع ولا مجال للتسلط بقوانين بشرية والثانية هي ان السلطان بيد الأمة وهي من يختار الحاكم ومن يزيحه ولدينا في الأحكام الإسلامية متى نعزل الرئيس، أيضا ليست هناك أية حصانة لأحد والكل يخضع للقانون ولا قداسة لأي واحد وكل الاجتهادات مأخوذة بدليلها وهذه سياسة مفتوحة تتسع لمائة حزب أو أكثر.
اذن لماذا لا نطرح البديل الإسلامي فنخرج من هرسلة الغرب الذي يقدم الديمقراطية كمقدس في حين يخرج مفكرون في الغرب بشجاعة لينتقدوا الديمقراطية لدينا الامكانية لنظهر للعالم ببديل وهو نظام الحكم الاسلامي الذي يعطي للمواطنين حقوقهم ويقدم ضمانات التطبيق واحسان التطبيق.
محمد خوجة (جبهة الاصلاح) : لا نقبل الديمقراطية بمفهومها الغربي
بداية حزبنا سياسي ومرجعيته إسلامية وهو مفتوح للجميع، هناك إشاعات عن كوننا نرفض الديمقراطية لكن نحن لا نقبل الديمقراطية بمفهومها الغربي حيث يحكم الشعب دون ضوابط شرعية، يجب ان نعرف ان مجتمعنا مسلم وهو اختار الهوية العربية الاسلامية ويعرف ضوابط الشريعة الاسلامية.
مفهوم الديمقراطية هو الحكم للشعب اي يسن القوانين حسب ضوابطه هو لكن نحن نرى ان القوانين يجب ان تسن حسب ضوابط الشرع وقد راسلنا المجلس الوطني التأسيسي وطالبناه بسن قوانين وفق ضوابط الشريعة كما اننا نقبل بحرية الرأي والتفكير والرسول (ص) في مكة وفي بداية الدعوة قال «خلو بيني وبين الناس» وهي دعوة الى الحرية وقبول الرأي المخالف وتحكيم الشعب ونحن نقول خلوا بيننا وبين الناس والفيصل بيننا هو الشعب فان اختار مشروعنا فهو حر وان اختار مشروعا آخر هو حر وهذا ما نعبر عنه بمفهوم الشورى وتلك هي الحرية التي نطالب بها.
كل ما يخالف الشريعة كمنهج حياة نخالفه وان كانت حرية الانسان في ان يتطاول ويتعدى الشرع نقول له انه مخطئ، هذا من ناحية مبدئية لكن من حيث الوسائل فهي فيها نقاش وحوار مع المجتمع حسب الظروف التي تتوفر للمجتمع والفيصل هو الشعب يختار البضاعة التي يراها أصلح لحياته.
د. سالم لبيض : على السلفية اختصار الطريق والزمن
في التجربة التونسية هناك السلفية العلمية والسلفية الجهادية والصنفان لهما امتدادات شعبية تضاهي وتنافس حقيقة التيارات والقوى الإسلامية التقليدية مثل الحركات الاخوانية بأصنافها ومن بينها حركة النهضة لكن في المنظومة الوهابية التي تستند اليها الحركة السلفية بشقيها العلمي والعنيف لا توجد مكانة لفكرة الديمقراطية.
الديمقراطية بالنسبة للسلفية هي فكرة غربية دخيلة لكن يجب ان نعترف ان السلفية التونسية بشقيها بدأت تبلور رموزا وأفكارا محلية ووطنية وقد برزت أسماء في الآونة الأخيرة مثل البشير بن حسن وابو عياض والخطيب الإدريسي.
السلفية تقف على مسافة من مسألة الديمقراطية وهي نفس المسافة التي كانت تقف عليها قوى سياسية اخرى يسارية وقومية في فترات سابقة في السبعينات مثلا بالنسبة لحركة الاتجاه الاسلامي وفي الستينات بالنسبة لحركة آفاق التي تحولت الى حركة يسارية أو في نهاية الخمسينات بالنسبة للقوى القومية التي تبلورت فيما بعد في أحزاب قومية ، اذن جميع الأحزاب تبنت العنف في بدايتها ثم وطنت نفسها سياسيا وأصبحت تتبنى الأسلوب السلمي في التغيير الى ان وصلت إلى مرحلة المشاركة التي لا تتم الا بأسلوب ديمقراطي وهذا الاسلوب يقتضي الاعتراف بالآخر وبحقه في التداول السلمي على السلطة.
التيارات السلفية برزت منها مجموعتان انتظمتا في أحزاب سياسية وان كان الحزبان لا يتضمنان في التسمية كلمة سلفية لكن يمكن استخلاص ذلك في تصريحات القيادات. السلفية التي تختصر الطريق ولا تضيع الوقت على المجتمع السياسي الأفضل لها ان تنخرط في اللعبة الديمقراطية لأن السلفيات التي رفضت التداول السلمي على السلطة بتعلة فكرة الحاكمية وغيرها وبعد معاناة طويلة وصراعات دموية في مصر مثلا أو في ليبيا أو الغير عربية في بنغلاداش مثلا عادت وانتظمت قانونيا وتشارك الآن في اللعبة الديمقراطية المتفق على شروطها وآلياتها.