غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الفلاحة في حوار شامل مع «الشروق» : عصابات سممت بذور البطاطا للقضاء على الانتاج المحلي
نشر في الشروق يوم 07 - 06 - 2012

كنت أعتقد، لسبب أو لآخر، أن محمد بن سالم القيادي في النهضة، ووزير الفلاحة بالحكومة المؤقتة، هو رجل منغلق على ذاته منغمس في رؤاه الايديولوجية بشكل نسقي. الا أن اللقاء الذي جمعني به يوم الخميس الماضي، بعد انتظار ناهز الشهر، كشف لي عن شخص آخر.

الحوار الذي أجريته معه، لم يأت فقط على اشكاليات الفلاحة، بل تجاوز ذلك لملامسة قضايا راهنة في السياسة والاقتصاد، وما يجري على الساحة، مساحة الاستقلال الوطني في مجال الفلاحة قضية السلفية، وما يجري في حركة النهضة وعلاقة محمد بن سالم رجل السياسة بالوزير وامكانية تسلل حزبه السياسي الى ديوانه ومسألة الغنوشي ورئاسة الحركة.
الحوار يأتي في جزئين، الجزء الاول حول قضايا الفلاحة أما الجزء الثاني فهو سياسي.

تعتمد تونس تاريخيا على الفلاحة، ولكن تمّ في فترة السبعينات ثم في التسعينات التفريط في عدد كبير من الأراضي الخصبة لخواص، حتى أن الدولة لم تعد تملك أكثر من 8 بالمائة من مجموع الأراضي الفلاحية، ألا ترى أن هذا يهدد استراتيجيا الأمن الغذائي الوطني؟

أنا لا أرى أن ذلك يهدّد الأمن القومي الغذائي لأن الفلاحة في كافة أنحاء البلاد هي عمل الخواص، فمثلا لا تجد في فرنسا أراض دولية مثلما هو الشأن عندنا، فكل الفلاحة وفي كل الدول المتقدّمة، تجد الفلاحة بيد الخواص وليس بنسبة 90 بالمائة بل بنسبة 100 بالمائة فالدولة ليست هي القادرة على الانتاج والمنافسة في الميادين التنافسية وأكبر دليل هو فشل التجربة الشيوعية، ولو كانت هذه الطريقة مجدية لنجحت في بلادها كما يقال، وحتى الصين فكل شيء بيد الخواص سواء كانت الفلاحة أو الصناعة، وهو بسبب تقدّمها ولم يبق للدولة الا الحزب والمسائل الايديولوجية والسياسية.

وبالتالي لا خوف على الأمن الغذائي لأن الأراضي الفلاحية بيد الخواص. وأنا أعتقد أن المشكل الاساسي لفلاحتنا هو التشتت العقاري، فنحن عندنا مئات الآلاف من المالكين لقطع أراض صغيرة ومتشتتة أما بالنسبة الى الذين تحصلوا على ضيعات من الدولة واستأجروها لفترة طويلة، فإنه ليس من حقهم توريثها الى أبنائهم، وهي في كل الحالات ستعود الى الدولة رغم أنه تم التفريط في الثمانينات بالبيع في أراض دولية.

سيدي الوزير، نحن نستعد الى شهر رمضان، ومثلا لتونس الاكتفاء الذاتي من البيض، ومع ذلك الدولة اضطرّت لاستيراد كميات من الهند، اضافة الى أن 20 بالمائة من القمح الذي نصنع منه الخبز يتم استيراده من الخارج، لماذا لا يتم توخي سياسة التوجيه لتأمين غذاء التونسي؟

للدولة دائما طرقها لتشجيع قطاع على قطاع آخر، مثل استعمال المنح ولها طرق توجيه الانتاج وطرق الارشاد ومع ذلك عندنا في تونس مشكل انتاجية، اذ أن التقنيات المستعملة الآن ليست متطوّرة إذ أنه رغم أن السنة الحالية تعتبر سنة «صابة» وهي سنة ممطرة، ومع ذلك الانتاج ليس في المستوى المنتظر والمطلوب.
وإذا قارنا أنفسنا بالمغرب التي لها تقريبا نفس المناخ، فهي تصدّر مليونا و200 ألف طن من الخضر سنويا الى أوروبا، وهو بترولهم الأخضر ونحن نصدّر 70 ألف طن لا غير.

يعاين العديد من الفلاحين من منتجي الحليب أساليب الابتزاز من قبل بعض المجمعين فضلا عن عدم وجود سياسة واضحة من الدولة لضمان الاكتفاء الذاتي، ما هي الوسائل التي ستستعملونها لحماية هذا القطاع؟

بالنسبة الى الحليب لقد حققنا اكتفاءنا الذاتي، فسياسة الدولة ومن أجل الوصول الى هذا الاكتفاء. لم يكن الأمر سهلا إذ توخت الدولة حوافز، فعندما يريد أي شخص شراء بقرة، ثمنها يصل الى 4 آلاف دينار تساهم الدولة بمبلغ 700 دينار، ثم تدفع الدولة مبلغ 40 مليما من كل لتر عند التجميع و60 مليما عن كل لتر يتم تجفيفه. الفلاح يقدّم الاعلاف للابقار تقريبا على مدى كامل السنة وتكلفة الحليب تكون عالية ولا يحقق الربح الا في الربيع، عند ذروة الانتاج، وهنا تعترضه العديد من المشاكل، إذ عندما لا يكون قادرا على بيع منتوجه، يكون مضطرا لاعدام الكميات التي تكون عنده، أو يضطر الى بيع البقر الى المسلخ لبيعها من أجل اللحوم.

وهنا لابد أن تكون لنا سياسة نحو تجفيف كل انتاج فائض ليطمئن الفلاح على الحليب، وعموما فإن الدولة تشترط على المجمعين من أجل ان تدفع مبلغ الاربعين مليما عن كل لتر ابرام عقد مع المنتج .إذن كما تلاحظون هناك جهد للدولة، من الدعم عند الشراء الى التجميع ثم التجفيف والانتاج لقد أصبحنا قادرين على تصدير 12 مليون لترا لكن اذا بقيت السوق ناقصة فذلك يعود الى عمليات التهريب نحو ليبيا.

أما بالنسبة الى البيض، فنحن لدينا اكتفائنا الذاتي في كل منتوجات الدجاج، وهي منظومة دقيقة وهي من أكثر المنظومات نظاما ونجاحا، ونرجو أن يتم النسج على منوالها.
نحن على أبواب رمضان، وليبيا أيضا باعتبار عمليات التهريب التي تجري في اتجاهها هل ستكون «قفة» المواطن كعادتها مرتفعة؟
كل ما نقوله يؤكّده الواقع، فنحن نقول بأنه لا وجود لمشكل في الانتاج، سنة 2012، عندنا انتاج أوفر في جل المواد من السنوات الماضية، لكن ارتفاع الاسعار يعود الى مشكل التهريب.

ثانيا يعيش في تونس اكثر من نصف مليون ليبي يعيشون في تونس،ومستواهم المعيشي أرفع من المستوى المعيشي للتونسي، أضف الى ذلك فإن الدولة دفعت اكثر من 770 مليارا سنة 2011، وهي تدفع الآن لسنة 2012، لعدد من التونسيين بين منحة أمل والحضائر والاعانات الاجتماعية.

إذن يمكننا أن نقول أن الانتاج ارتفع لكن في المقابل ارتفعت الاسعار ايضا وهذا يعود أساسا الى التهريب، وبمجرّد ما تم اتخاذ تدابير عملية ضد التهريب انخفضت الأسعار في نفس الأسبوع.

وأريد أن ألاحظ هنا أنه لأنه عندما يصل الفلفل في سوق الجملة الى سعر 130 مليما مما يعني انهيار الأسعار، سيجعل الفلاح يحسب حسابا للموسم المقبل، فإذا خسر خلال هذا الموسم في مادة فإنه ينتجها في العام المقبل.

إذن لابد من ايجاد ميكانيزمات وآليات للسوق عندما تنهار الاسعار نفتح أبواب التصدير، وعندما ينقص الانتاج تكون هناك آلية للتخزين تزوّد السوق. لكن في بعض الوضعيات الآن تصعب السيطرة فمثلا في موضوع البيض، هناك شاحنات ليبية تهرّب يوميا 400 ألف بيضة.

كنا نطالب ب 10ملايين بيضة في الشهر من المنتجين، وإن تم ذلك كنا سنصل الى شهر رمضان بكمية تصل فيها الى 55 مليون بيضة وهو المطلوب لهذه السنة.
للأسف جرت عمليات تهريب لأن البيض يتم بيعه عند التهريب بسعر أكبر مما هو موجود في السوق.

لقد عدنا سيدي الوزير الى مشكلة سيطرة الخواص على بعض القطاعات وغياب الدولة؟
لا نستطيع ذلك، فمثلا ديوان الاراضي الدولية يقوم بكل جهده ويخفف عن السوق.

سيدي الوزير، كنا في تونس نملك بذورا يمكن اعادة زراعتها، اليوم أصبحنا نستورد بذور ما نستهلكه، ألم ندخل تحت سيطرة الاستعمار الغذائي، ألا ترى أننا في تبعية استعمارية؟

هذا من بداية العهدة التي توليتها، وقد قلت للمندوبين الفلاحيين، إنه عار علينا، مثلا ان نضطر الى استيراد البطاطا من الخارج، فهي مادة أصبحنا نستهلكها بكثرة، إذ أصبحت جزءا من غذائنا اليومي وأصبحت موجودة في كل الاكلات، هل يعقل أن نستورد 22 ألف طن كل سنة، إنها فضيحة.

كنّا في السبعينات ندرس الفلاحة، وكنا نزور مركز البحوث حول البطاطا في السعيدة وكان مركزا مفخرة، غايته تطوير البذور، وقد حصل عمل اجرامي في التسعينات إذ تولّت عصابات توريد البطاطا من الخارج تكليف شخص قام بعملية تسميم البذور المحلية، إذ وضع فيروسا قضى عليها، وقد تمت لاحقا محاكمته ولكن للأسف تم القضاء على البذور المحلية، ومنذ ذلك التاريخ لم تقم قائمة لبذورنا.

هل هي شخصية سياسية؟

لا... لا... إنها عملية فساد، وهناك من يقول أنه لم يتم اجراء عمليات بحث دقيقة وهناك من يربطها بوجود استخبارات اجنبية أو باللوبيات التي تورّد مادة البطاطا.
إذن لقد قلت للمندوبين، إنها فضيحة أن نعوّل على توريد مادة أساسية مثل البطاطا وأن نستورد اكثر من ثمانين بالمائة من بذورنا لأي سبب كان، إذ يمكنهم تجويعنا متى شاؤوا.

اليوم توخينا سياسة جديدة وهي التشجيع على زراعة البذور، وطلبنا من ديوان الاراضي الدولية ألا ينافس الفلاحين في مادة البطاطا، وأن يهتم فقط بزراعة البذور وانتاجها.
والآن هناك امكانية لشركات من الخارج للقيام بمثل هذا العمل، مثل بعض الشركات التركية، فتركيا، أصبحت اليوم معروفة بزراعة البذور، هذه مسألة استراتيجية تدخل في أمننا الغذائي.

الى أين وصلنا في هذه الاستراتيجية؟

فرضنا على ديوان الاراضي الدولية الاهتمام بالبذور كما اتفقنا مع شركات اجنبية الاستثمار في تونس في هذا المجال، ونحن الآن نتجه الى تكوين شركات مشتركة، وقد اتفقنا مع شركة كندية مختصة في البطاطا من أجل زراعة البذور.

سيدي الوزير متى سيكون لنا استقلال وطني في البذور والانتاج؟

قلنا في الحكومة، إنه في مدّة عام لا يمكننا القيام بكل شيء، نريد ان نضع عجلات القطاع على السكة.
سيدي الوزير، لقد تحدّثنا عن التهريب، ولا أعتقد أن الدولة هي التي تقوم بذلك، بل التجار ومافيات التهريب، أضف الى ذلك حديثنا عن مسألة البذور، أي علاقة لهذه المسائل بالشروط التي يتم فرضها أثناء ابرام الاتفاقيات الدولية وخاصة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي ومنظمات دولية ومانحين، وهذه الشروط مثل الخصخصة وما يسمى «ديمقراطية» الملكية والانتاج وارتباط ذلك بالسوق الدولية.

ألا وجود لنية عندكم بمراجعة مثل تلك الاتفاقيات التي يمكن ان توصف بأنها اتفاقيات اذعان؟

سنبدأ الحوار مع الاتحاد الاوروبي، هذا الشريك المتميّز، ونحن لن نرضخ في هذا الحوار وسنطلب الكثير من الامتيازات ولن نضع مصالح الفلاحين على مذبح التعاون الدولي، وهذا لا سبيل اليه، فكما تعلمون فإن الميزة الاساسية للنظام الديمقراطي هي احترام القانون ولكن أيضا فإن النظام ديمقراطي يكون مسنودا بشرعية لذلك فهو لا يخضع للضغوطات الخارجية.
وسوف ندافع عن المصلحة الوطنية ونعتمد على خبرات وقد قمنا بمشاورات من أجل تحسين وضعنا واطلعنا على التجربة المغربية وتجارب أخرى في التفاوض.

سيدي الوزير، لم نكمل حديثنا عن عمليات الفساد، ما هي اكبر وأخطر الملفات التي وضعت فوق طاولتكم؟

أول اجتماع عقدته بعد أربع وعشرين ساعة من تعييني على رأس وزارة الفلاحة تناولنا فيه قضيّة الأراضي الدولية والفساد، وقد كوّنت لجنة لتنظر في هذه المسألة.

وأقول لك هناك اشكاليات كبيرة في أملاك الدولة الفلاحية، ومن الطرائف أبلغني أحدهم بأن أغنام الدولة لا تنجب التوائم، ولا تنجب ثانية، فالأغنام لدى الخواص اذا كان العدد الف رأس فإنها تنجب بين 1200 و1250 رأسا، ولكن بالنسبة الى أغنام الدولة فإنها لا تتجاوز بعد الانجاب 550 رأسا، هذه عقلية رزق «البيليك».

وحتى الأبقار، التي تملكها الدولة، وهي كلها من النوع الحلوب التي لا يقل سعر الواحدة منها عن 4 آلاف دينار، لا تنتج الواحدة أكثر من معدّل 9 لترات من الحليب، أي أقل من معدّل ما يعرف بالبقر العربي التي لا يتجاوز سعرها ألفا و500 دينار.

الآن قرّرنا وقف النزيف، إذ لا مجال اليه أن يتم نهب ملك الدولة ويجب ايقاف ذلك نهائيا، وبعد اتخاذ اجراءات، بلغ الآن الانتاج تطوّرا فبلغنا معدّل 18 لترا من الحليب يوميا للبقرة الواحدة. لم نصل بعد للمعدل المطلوب وهو 35 لترا.

أضيف أننا نستورد «المشاتل» و«الأراخي» والعجول المسمّنة، رغم اننا نملك كفاءات كبيرة وقادرة على الاضافة والابداع، من غير المقبول ان نستورد كل شيء ونتحدث عن الأمن الغذائي!

ماذا أنجزتم من أجل هذا الأمن الغذائي؟

لقد حققنا اكتفاءنا الذاتي في العديد من المواد مثل الحليب ونحن الآن بصدد إنشاء شركات «للتشتيل» والبذور مع تنويع التجارب كما كلفنا ديوان الاراضي الدولية بإقامة مركز لتربية «الأراخي» وهو ما تم فعلا ووعدني مدير الديوان بانتاج ألفين بالنسبة الى سنة 2012.

سيدي الوزير، إذا عدنا الى ملفات الفساد، ما هي أخطرها في وزارة الفلاحة؟

لقد أحلنا 30 ملفا على التفقدية العامة هذه التفقدية كانت مكوّنة من 3 إطارات وكاتبتين، أمام 146 إدارة عامة، ماذا عساها تفعل أمام هذا الجيش من الإدارات العامة والموظفين والعملة.

إذن لم تكن هناك إرادة في القيام بمراقبة وتفقد ومحاسبة.
لقد قمت بتغييرات على مستوى هذه الإدارة وطلبت من المدير العام ان يقدّم لي كل احتياجاته، ثم وضعت أمامه ملفات الفساد.
بدأنا بديوان الوزير، فوجدنا سكريتارات وكتبة يتحصلون على أجورهم من الصوناد ومن ديوان الزيت.
وجدت سكريتارات لهن ساعات إضافية تصل في بعض الوضعيات الى 885 دينارا إضافة الى الأجرة الشهرية.

لقد وجدت سائقا يحصل شهريا على 895 دينارا بعنوان ساعات إضافية دون احتساب الأجرة الشهرية، وكان يحصل على ذلك على مدى سنوات.
كانت الوزارة تخصص أسطولا من السيارات لنقل السكريتارات وعندما جئنا الى وزارة الفلاحة. اتخذنا قرارات بوقف نزيف الساعات الاضافية، وأصبحت هذه الساعات لا تسند الا الى من يستوجب عمله ذلك.

وقررنا الحد من نزيف استعمال السيارات، وقمنا بجرد في ذلك في كل الإدارات وتمكنا من حصر عدد 64 سيارة زائدة من الإدارات المركزية منها أربع سيارات كانت على ذمة ديوان الوزير تم توزيعها على الجهات الداخلية. كما قررنا الاحتفاظ بالسيارات الإدارية التابعة لديوان الوزير في مرأب الوزارة وبدأنا هذا الاجراء منذ فيفري الماضي، ثم قمنا بعملية مقارنة فتبيّن لنا اننا حققنا انتقالا من استهلاك 2150 لترا من البنزين شهريا الى 540 لترا في الشهر وما لذلك من استتباعات مالية، هذا بالنسبة الى 4 سيارات فقط، فما بالك بالعدد الجملي.
بعد هذه النتائج الايجابية قررنا تعميم هذا الاجراء على جميع الادارات ومازلنا ننتظر النتائج.

بعد ذلك توسعنا في ملفات الفساد، فوجدنا أكبر العمليات في إدارة الغابات وكانت الخسائر في حدود 6.5 ملايين دينار.
إذ تبيّن أن إدارة الغابات اشترت جرارات جديدة ولم تستعملها بل فرّطت فيها لفائدة علي السرياطي المدير العام السابق للأمن الرئاسي ليستعملها في ضيعته وقد عثر على جرارين في ضيعة السرياطي بزغوان سعر الواحد يتجاوز 100 ألف دينار وكان البنزين المستخدم من حساب الدولة. البحث الآن جار ونحن ننتظر ما ستؤول إليه نتائج التحقيقات ايضا في إدارة الغابات. أسندت سيارة رباعية الدفع لسكرتيرة، والغريب أنها كانت تسافر الى الخارج بعنوان مهام، فضلا عن انه تم تخصيص سائق لسيارتها.
وقد أحلنا ملف هذه القضية على القضاء. كما وجدنا اعتمادات مخصصة لمشاريع للولايات المحرومة مثل القصرين وسليانة يتم خصم مبلغ 2.5 مليون دينار منها ويتم توجيهها الى القصور الرئاسية وكان ذلك بإذن من الوزراء كانوا يأخذون من ميزانية المناطق المهمشة للصرف على القصور الرئاسية.

كما اكتشفنا عمليات تلاعب في تخزين البيض، اذ يتم تخزينه بطرق سيئة فتصبح غير صالحة للاستهلاك، فيقوم بعض المسؤولين بتدليس الوثائق لإخفاء أخطائهم وسوء تصرفهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.