تساهم منطقة الدخانية التابعة لمعتمدية الكريب بنسبة مائوية كبيرة في انتاج الحبوب محليا وجهويا لكن رغم ذلك مازال أهاليها يعانون ويلات المسلك الفلاحي مما يجعل صابتهم مهددة، ذلك أن هذه الطرقات تتسبب في تعطيل السيارات والماكينات. منطقة الدخانية تعتبر درة الفلاحة بجهة سليانة وذلك لتفرد تربتها بالخصوبة لذلك تجد جل متساكنيها ان لم أقل كلهم يمتهنون هذا النشاط بكل شغف لأنها موردهم الاوحد والوحيد، لكن مقابل ذلك مازالت العراقيل تنغص عليهم حياتهم وتحول دون تحقيق ما يأملون في تحقيقه من انتاج غزير يضاهي جودة التربة، وذلك كلما حل الموسم الفلاحي مشفوعا بالحرث والزرع والتسميد وصولا الى قطاف المحصول وذلك من جراء «الثنايا العربي» المتفرعة بكامل الجهة التي كانت ولازالت تستهدف آلاتهم الفلاحية وسياراتهم وشاحناتهم الخفيفة وحتى الثقيلة منها وتعكر صفو تلاميذهم ومرضاهم.
الجولة قادتنا رفقة أحد الاصدقاء الى منطقة الدخانية «القديمة» والتي تبعد عن الجديدة قرابة الاربعة كلم، وعن الكريب المدينة حوالي ال 7كلم ويقطن بها قرابة ال 100ساكن، اذ يتعاطى جل متساكنيها النشاط الفلاحي وخاصة مجال زراعة الحبوب والبعض من الاشجار المثمرة دون نسيان تربية الماشية، هذه المنطقة قصدناها عبر شاحنة خفيفة وسلكنا مسلكها الرئيسي الذي يربط بين منطقة عين غرس الله المتاخمة للطريق الرئيسي، بمنطقة الدخانية «القديمة» والذي يمتد على طول 7كلم، خلت في البدء بأن المسافة الكيلومترية سوف لن تتعدى باحتساب الزمن ال10د.ق لكنني صدمت بهول الطريق وما يحتويه من حفر خلفتها مياه الامطار وجرفت اتربتها، فلا تكاد تراوغ حفرة حتى تعترضك الثانية والثالثة والرابعة، الى غاية اخر المسافة الكيلومترية لهذا المسلك، الذي تجرد من تربته وأصبح عديم الفائدة، لذلك فإن وسيلة النقل الوحيدة التي تستطيع عبوره بدون اذى هي الجرار وما عدا ذلك فإن كل وسائل النقل الاخرى بشتى انواعها مهددة بالاصلاح، هكذا حدثنا السيد صالح النفوطي عندما التقيناه باخر نقطة كيلومترية بالمنطقة، مؤكدا لنا بأنه قام مؤخرا بتغيير أحد قطع الغيار بشاحنته بمبلغ الف دينار من جراء هذا المسلك الذي اصبح مثل الكابوس المفزع ويضيف محدثنا بأن كل متساكني هذه المنطقة طالبوا باصلاحه وتهيئته منذ حقبة المخلوع لكننا لم نلق سوى الوعود الكاذبة في كل سنة تقريبا، الى درجة اننا خلنا انفسنا خارج الخارطة التنموية.
يواصل السيد صالح النفوطي بقية حديثه معنا مستغربا متسائلا في ذات الوقت عن مصير هذا المسلك الذي يعتبر شرايين كامل المنطقة ورئتها التي يتنفس منها كل المتساكنين وعن مصير منتوجنا الفلاحي الذي اصبح على المحك لان جل اصحاب الالات الفلاحية وخاصة الات الحصاد وربط التبن ابدوا عدم استعدادهم للمقامرة بالاتهم الفلاحية من جراء رداءة هذا المسلك الذي اصبح النقطة السوداء يهددهم شتاء وصيفا وفي كل الاوقات لذلك يرى بأنه حان الوقت لرفع الاتربة عن هذا الملف لأنه يرى بأنه من غير المنصف عدم تهيئة وتعبيد مثل هذا المسلك لأنه يرى بأن منطقة الدخانية بصفة عامة هي روح النشاط الفلاحي بكامل معتمدية الكريب لأنها عند كل موسم حصاد تحقق ارقاما جد محترمة بالنسبة لانتاج الحبوب وتساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الانتاج بكامل الولاية .
اهالي هذه المنطقة لم يشتكو من ندرة الماء الصالح للشراب اومن انعدام النور الكهربائي بالمنطقة، اذ هذين العاملين كفيلان لتثبيتهم وشدهم بمنطقتهم، لكن ما يؤرقهم ويعكر صفوهم صيفا شتاء هذه «الثنية العربي» التي تسببت لهم في الكثير من المشاكل حسب حديث السيد منصف النفوطي وخاصة عند ذروة فصل الشتاء، فمن جراء استحالة المرور بهذا المسلك في هذه الفترة الشتوية اضطرت بعض العائلات الى حمل موتاهم عن طريق الالة الرافعة للوصول به الى المقبرة اين تم دفنه ولولا الاستنجاد بهذه الالة لبقي الميت بين اهله لمدة زمنية اخرى،ولكم تخيل هذا المشهد المؤسف الذي خلنا بأن الثورة سوف تمحي اثاره وتعيد للانسان ما استلب منه من كرامة .