أعلن الاستاذ الباجي قائد السبسي أمس في ندوة صحفية بقصر المؤتمرات عن تأسيس حزب «حركة نداء تونس» والقى خطابا بالمناسبة أكد فيه على ان حزبه هو حركة معاضدة للحكومة وليست حركة معارضة بالمعنى التقليدي. واعتبر الباجي قائد السبسي ان تونس تعيش لحظات حاسمة ومعقدة «فقد تجدد العنف بكل أسف هذا الاسبوع في بلادنا العزيزة وبعد أكثر من ثمانية اشهر على الانتخابات عدنا لاعتماد حظر التجول في ذروة الموسم السياحي وحصلت اختلالات مؤسفة في امتحانات الباكالوريا ووقع ترويع المواطنين في عدة مناطق» معلنا تضامنه مع تلامذة الباكالوريا ومع العاملين في القطاع السياحي ومع قوات الجيش والأمن وكل المواطنين في هذه الظروف.
مصلحة البلاد فوق الجميع
ودعا الاستاذ الباجي قائد السبسي كل التونسيين الى جعل مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وان يختلفوا دون ان يمس الاختلاف من الرابطة الوطنية التي تجمعهم معتبرا ان في ذلك أحسن تكريم لشهداء تونس على مر العصور وخاصة «الثورة الاخيرة ... وشهداء ثورة التحرير الوطني».
وأشار الى ان الحكومة المؤقتة التي ترأسها قادت البلاد الى انتخابات نزيهة وحرة «وفي ظروف صعبة توفقنا في ادارة وضعية اقتصادية كارثية وفي تنظيم الامتحانات ومواجهة عواصف التحولات الكبرى في الشقيقة ليبيا ... في ذلك الوضع ونحن (هز ساق تغرق الاخرى) كما يقول المثل الشعبي وكنا نحاول أكثر ما يمكن تبجيل روح التوافق بين العائلات السياسية التونسية معتمدين على مبدإ أساسي عندنا وهو الصدق في القول والاخلاص في العمل».
وفي نفس الاطار قال «في المراحل الانتقالية يبقى التوافق السياسي ضروريا وخصوصا في المراحل التأسيسية التي تفرز وضعا وقتيا تلتقي فيه شرعية صندوق الاقتراع مع شرعية الاداء مع شرعية التوافق ولابد لمن يريد ان ينجح في ادارة باقي المراحل الانتقالية في بلدنا ان يحسن تحقيق التوازن بين هذه الشرعيات والا فانه سيخرج عن السياق وسيخلق من المشاكل ما يفوق قدرته على خلق الحلول».
وتابع «الواقع ان حسن تنظيم انتخابات 23 اكتوبر وتسليم السلطة بشكل حضاري قد فتح ابواب الأمل عريضة أمام تونس ولكن يبدو ان قلة خبرة بعض أحزابنا بالعملية الديمقراطية وبإدارة شؤون الدولة قد جعلنا نواجه صعوبات جدية منذ انتهاء الانتخابات حيث تحول تفويض الانتخابات التأسيسية في مفهوم احزاب الأغلبية الى ما يشبه تفويضا برلمانيا عاديا وتركزت طاقاتهم في البداية على تقاسم المناصب الحكومية بروح المحاصصة فاثر هذا على سلاسة العمل الحكومي وأثر أيضا على سلاسة عمل المجلس التأسيسي في تقدمه في المهمة الاولى التي انتخب من اجلها وهي وضع الدستور».
واعتبر انه منذ ذلك الوقت اختلطت الامور وتشابكت بين العمل التأسيسي والعمل الحكومي وان اجهزة الدولة صارت مهددة بالتوظيف الحزبي وان المحاصصة اضعفت مستوى الاداء الحكومي لتخلق ازمة ثقة في المجتمع السياسي «شلت قدرته على ايجاد حلول للتقدم للأمام كما تكررت بوادر غير صحية تتمثل في سعي فريق من القوى الحاكمة الى السيطرة على القضاء والاعلام والاتحاد العام التونسي للشغل وتواترت ظواهر الاعتداء على الحريات الفردية والعامة وتخصصت جماعات في ممارسة العنف باسم الدين دون رادع جدي منذ البداية وتجددت الاعتداءات على الاملاك العامة وهو ما صار يهدد أسس الدولة ذاتها».
ومن جهة اخرى أكد ان الحكومة الحالية لا تتحمل مسؤولية المصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي سبقت الثورة وانها مسؤولة على حسن ادارة الوضع بكل شفافية ودون السعي الى التوظيف الانتخابي، مشيرا الى ان ذكر الهنات ليس لتسجيلها وانما تاكيدا لرغبة الاصلاح «فأحزاب الترويكا يعرفون ونحن نعرف ان هذا الوطن لنا جميعا نتقاسمه وان احزاب الحكم واحزاب خارج الحكم باقون في هذا الوطن العزيز مع بعضهم البعض واننا لا بد ان نعمل مع بعضنا ونتعاون».
معاضدة لا معارضة
وتابع «لذلك أقول لأبنائي وزملائي في الحكومة الحالية والاحزاب التي تعاضدها ان يفتحوا صدورهم للنقد فهو تكريم لمؤسسة الحكومة بغض النظر عن وزرائها أو رئيس وزرائها مثلما أطلب دائما ان يكون النقد مدفوعا بالروح الوطنية البناءة والمنهجية الاقتراحية وهذا ما اعتقد ان اغلب الاحزاب غير الموجودة في السلطة تقوم به لان المطلوب اليوم هو العمل الفوري من أجل وفاق وطني يضع خارطة طريق سياسية واضحة وبرنامج انقاذ اقتصاديا واجتماعيا محددا وآليات تنفيذ في مستوى التحديات».
واشار الباجي قائد السبسي الى انه من اسباب غياب التوازن السياسي اليوم هو التشتت السياسي وان نفس عدد الاصوات التي حصلت عليها حركة النهضة وزع بين بقية الاطراف وهو ما جعله حسب قوله يبادر الى التنبيه اليها ودعا الى خلق بديل تنظيمي لتوحيد القوى الديمقراطية ليحصل التوازن في الحياة السياسية.
وحول طبيعة الحركة التي اعلن عن تأسيسها أمس قال «هي حركة ستجمع كل الطاقات والكفاءات التي تحملت المسؤوليات وراكمت التجارب وتلك التي كانت مقصيه رغم كفاءتها والطاقات الشبابية الجديدة ... هي حركة قائمة على قاعدة برنامج يهدف الى اطلاق الحلم التونسي من جديد وسنوافيكم قريبا ببرنامج متكامل ستعمل فرق من الخبراء المتخصصين على وضعه للمساهمة في تقديم تصورات للخروج من هذا الوضع الصعب الذي يتطلب تضافر الجهود وكثيرا من الحنكة والكفاءة والخبرة».
واضاف «حركة تونس ليست حركة معارضة بالمعنى التقليدي بل حركة معاضدة من اجل خير تونس العزيزة وحزب حكم أي حزب مقترحات وبدائل لن تكون حركة لليساريين أو الدستوريين أو الليبراليين بل حركة لكل الوطنيين الاحرار من التونسيين والتونسيات».
إقصاء وسلفيون
واكد الاستاذ الباجي قائد السبسي رفضه لدعوات الاقصاء التي اطلقت تجاه الدستوريين «دون موجب حق ولأهداف فئوية وانتخابية فالقضاء وحده صاحب النظر في تحديد المسؤوليات والمحاسبة على اساس المسؤولية الفردية ... فالدستوريون حكموا البلاد لعقود وساهموا في تحرير البلاد وبناء دولتها وتحقيق جانب من انجازاتها وكانت لهم أخطاء جسيمة ايضا».
ومن جهة اخرى استنكر محاولات عدد من السلفيين السيطرة باسم الدين وارتكاب العنف والاكراه وقال انهم لا يمتون للإسلام بصلة وان الاسلام بريء من أفعالهم، كما استنكر تسابق عدد من الاطراف السياسية على الادعاء بأنها شاركت في الثورة أو أنجحتها معتبرا انه لم يكن لأي حزب أي دور في انجاح الثورة وان الدور الحقيقي لعبه الاتحاد العام التونسي للشغل بتوفير مقراته واحتضان كل التحركات وتأطيرها وانه لا يحق لأي طرف ان يزايد اليوم على نضالية الاتحاد.