قلة خبرة الحكومة الحالية في إدارة شؤون البلاد جعلتها تواجه صعوبات جدية اظهر الحضور المكثف داخل قاعة الاجتماعات بقصر المؤتمرات بالعاصمة وخارجها مدى الالتفاف الذي يحظى به الوزير الأول السابق الباجي قائد السبسي. فوسط حضور من مختلف الأعمار القى قائد السبسي كلمة أعلن فيها عن الميلاد الرسمي لحزب نداء تونس والذي اتخذ له من الشعارات «الصدق في القول والإخلاص في العمل». و اكّد الباجي قائد السبسي ان «حركة نداء تونس» هي حركة لكل الوطنيين الاحرار ومنفتحة على كل الاحزاب السياسية بما في ذلك حركة النهضة وأن الحركة ليست معارضة بالمعنى التقليدي بل هي حركة معاضدة ولا تعمل على اقصاء اي كان بل أن مشروعها تجميعي بين لكل التونسيين على قاعدة المصلحة الوطنية « معتبرا» اننا نمر بمرحلة انتقالية يبقى التوافق السياسي فيها ضروريا وخصوصا في المراحل التأسيسية . ووفقا لما تقدم فيبدو أن قائد السبسي قد حاول الإجابة على كل الأسئلة المحتملة والمثارة حول حزبه حيث ساد الاعتقاد منذ شهر جانفي عندما أعلن عن مبادرة سياسية أن هناك سعيا لمحاربة الأحزاب المكونة لثلاثي الحكم وهي قراءة لم تكن مصيبة من قبل الأطراف المنافسة له إذا أن الدعوة إلى الوفاق الوطني هي العنوان الأبرز للحزب. ولم تخل كلمة قائد السبسي من النقد الموجه للحكومة حيث اعتبر « أن الحكومة المتخلية أحسنت قيادة المرحلة الانتقالية الأولى وأحسنت تنظيم الانتخابات وسلمت السلطة بشكل حضاري ولكن قلة خبرة الحكومة التي خلفتها في إدارة شؤون البلاد جعلتها تواجه صعوبات جدية .» التشاركية السياسية أكد قايد السبسي أن الثورة التونسية كانت بدون «رأس»، أي بدون أية قيادة ولم يشارك فيها أي حزب من الأحزاب، بل قادها شباب غير مؤطر ولا يخضع لأية أجندا حزبية، وكان الاتحاد العام التونسي للشغل هو الهيكل الوحيد الذي عاضد هذه الانتفاضة وفتح لها مقراته وروافقها حتى اكتمالها ثم دعا السبسي كل القوى السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ان « تكون شريكة ومتعاونة مع الحركة ومبادئها المرتكزة على الإيمان بالدولة التونسية والتمسك بالفصل الأول من الدستور التونسي وخاصة التأكيد على ان علم تونس راية واحدة لا تشاركها اية راية أخرى لا سوداء ولا بيضاء بالإضافة الى التمسّك بمجلّة الأحوال الشخصية وتطوير مكاسبها وتأكيد المواطنة على أساس المساواة وترسيخ الديمقراطية باعتبارها نظام الحكم الأصلح والحرية باعتبارها جوهرا لها». وفي رده على عدم تقبل البعض للنقد الموجه ضد الحكومة القائمة واعتباره نقدا للشرعية ومحاولة لدحرجتها قال قائد السبسي « إن نقدنا للحكومة شيء طبيعي ومن المؤسف أن البعض يرون في ذلك تعديا على الشرعية.» وأضاف « أن الشرعية الانتخابية تخص طريقة الوصول إلى للسلطة وان هذه الحكومة هي حكومة مفوضة من قبل المجلس التأسيسي ونحن ننقدها اليوم من باب شرعية الأداء أي تقييم مدى نجاحها في أداء ما كلفت به من مهام وهو أداء يجب أن يكون مدفوعا بالروح الوطنية البناءة ومقترنا بالعمل الفوري من اجل وفاق وطني يضع خارطة سياسية واضحة وبرنامجا اقتصاديا واجتماعيا.ب حركة ..التوازن لم تخرج فكرة التوازن السياسي في « نداء تونس « عن الخط الذي رسمه عدد من المحللين اذ تبدو الحركة الامل الوحيد لعدد من الأحزاب في وقت تعيش فيه حالة من التشتت . فقد اعتبر قائد السبسي أن من بين الاسباب الجوهرية التي تقف وراء الاخطاء التي تمر بها تونس «غياب التوازن في الحياة السياسية وهو ما دعانا إلى التفكير في خلق بديل تنظيمي وتوحيد القوى الوطنية ليحصل التوازن بما يمكن من التداول على السلطة وقيام حياة ديمقراطية.» وبين قائد السبسي «أن الحركة لا تستعدي احدا بل انها ستكون منافسة وشريكة وحليفة لكل القوى السياسية.» عنف الدولة ولدى تطرقه للأحداث المسجلة في الآونة الأخيرة وصفها الوزير الأول السابق «بالمرعبة « رافضا في نفس السياق « كل أشكال التحريض على العنف والكراهية». وانتقد قائد السبسي التبريرات المقدمة من قبل أطراف من الحكومة بخصوص واقعة «العبدلية» حيث اعتبر أن ما جرى بحر الأسبوع المنقضي امر «مفتعل» وان بعض اللوحات التي اعتبرت محتوية على تعد على الذات الالاهية غير موجودة في تونس وانما عرضت بالعاصمة السينغالية داكار». كما تساءل المتحدث عن الأسباب الحقيقية لتأخر مواجهة « المخربين الذين سعوا إلى تقويض امن المواطن والمس من ممتلكاته « مذكرا الحكومة « بانه من واجبها توفير الأمن وضمان سلامة الناس وصد العنف بعنف الدولة المباح وهو ما لم يقع في الوقت المناسب». وفي ما يتعلق بالسلفية فقد صرح الباجي ان ما يقوم به بعض المنتمين إلى التيار السلفي لا علاقة له بالإسلام ومخالف للشريعة زد على ذلك غياب الوازع الوطني ومحاولتهم فرض نمط عيش غريب عن التونسيين. ورفض الباجي كل أشكال العنف والتفكير ودعا أدعياء الإسلام إلى التفكير بايجابية إزاء الآخر دون تكفير «لان الله لم يجعل بينه وبين عبده وسيطا فلا وصاية على الشعب لانه مسلم « . ويذكر أن تجمعا لحوالي مائة شخص حصل أمام قصر المؤتمرات حيث حاول البعض التظاهر ضد مبادرة الباجي قائد السبسي الا أن قوات من الأمن تصدت لهم دون حصول إصابات. كما حاول بعض «المندسين» التشويش على خطاب الباجي من داخل قاعة الاجتماعات الا أنه وقع التصدي لهم وطردهم من القاعة .