صار من الوجيه، الآن، الحديث عن إسهامات إسلاميّة ملحوظة في مجال «رقمنة الدين» عبر استخدام التقنيّات الجديدة فيه، وهو ما قد ينسحب عليه ما يسمّيه أهل الفقه بالبدعة الحسنة! وكنّا، في وقت سابق، قد سقنا حديثا نبويّا كلّف عالم النازا التونسيّ محمّد الأوسط العيّاري اختراع منظومة «الشاهد». وهي منظومة متكاملة ودقيقة لرصد الأهلّة تمكّن من تحديد منزلة الهلال ورؤيته رؤية العين انسجاما مع النصّ الدينيّ من جهة وتوقّيا من الخلافات بين الدول الإسلاميّة في تحديد الأشهر القمريّة وبخاصّة شهر رمضان والفطر من جهة ثانية. وتساءلنا، حينها، وبلا جواب لحدّ الساعة، عن علّة الزجّ بنا قسْرا في العالم الثالث، ونحن الذين لن يلهينا وجودُنا على سطح القمر إنْ حصل عن الاجتهاد في تحديد القِبلة !
على ذلك، قرأتُ الخبر الذي نشرته إحدى الصحف التونسيّة عن اختراع مواطن تونسيّ لسجّادة إلكترونيّة حاسبة لعدد الركعات. فقد ذكر المصدر أنّ مواطنا توصّل إلى اختراع سجّادة حاسبة للركعات… هي «الأولى» من نوعها في العالم!
وبقطع النظر عن وجاهة التبرير الذي قدّمه صاحب براءة الاختراع من أنّ هذه السجّادة الإلكترونيّة تعصم المصلّي من الوقوع في السهو عن عدد السجدات، ممّا يجعل إعادة الصلاة برمّتها مندوبة، فإنّ الملاحظ أنّ هذا «الاختراع» سيجرّ خلفه اختراعات.. منها سجّادات تعمل بالأشعّة تحت الحمراء ! نعم! لقد أشار صاحب براءة الاختراع «إلى أنّ الشركة المصنّعة للسجّادات على وشك صنع نوعيّات مختلفة من السجّادات الحاسبة ببراءة اختراع مسجّلة، ومنها سجادة للائمّة تضيف إلى ما سبق العرض الضوئي لكلّ المعطيات على شاشة واضحة للعيان عند المحراب فوقه أو إلى جانبه بحسب ما يناسب كلّ مسجد، وسجادة تعمل بالأشعّة تحت الحمراء للأشخاص الذين لا يستطيعون السجود لعذر ما بحيث تتغيّر الأرقام عند الإيماء بالسجود..».
هذا يعني أنّ المحاريب ستنضاف إليها لوحات إلكترونيّة تُحصي على المؤمنين عدد السجدات في كلّ صلاة، وترشد من فاتته سجدة الإمام إلى موضع الصلاة، كما أنّ العَجَزة سيكتفون بمجرّد الإيماء لتسجّل سجّاداتهم الذكيّة صلاتهم بصفة آليّة !
هذا «الاختراع» حظي ل«أوّل» مرّة بموافقة مفتي الجمهوريّة على ترويجه، حيث أكّد في مراسلة خاصّة لل«مخترع»، كما نقلت الصحيفة، أنه «لا مانع شرعا من استعمال السجّادة الحاسبة لعدد الركعات للصلاة. وهي لا تشغل المصلّي في صلاته بل هي تعينه على ضبط عدد السجدات والركعات بالإشارة الضوئيّة التي تسجّلها عند الركوع والسجود.»
سيتوزّع الناس في تقدير هذه الصلاة «الرقميّة» بين محسّن ومقبّح، ولكنّ ما لا اختلاف فيه هو استواء هذه الآلة وسيطا بين العبد وربّه، بما يعنيه ذلك من إحالة للملائكة الموكّلين بحسبان كلّ شيء إلى بطالة إجباريّة.. مسرحيّ تونسيّ خفيف الدم علّق بقوله: أخيرا، الصحوة الإسلاميّة بعد سياسة التعليم الإجباريّ بدأت تعطي ثمارها!