تعتبر منطقة «الغضابنة» التابعة ترابيا لمعتمدية «قصور الساف» واحدة من أجمل المدن التونسية التي حباها الله بطبيعة خلابة وساحل بحري ممتدّ على طول 3 كيلومترات، حيث تتوسط هذه المدينة في موقعها الجغرافي ولايات المهدية والمنستير والقيروان وصفاقس. المنطقة تعدّ من أجمل مراكز الاصطياف في البلاد لجمال شواطئها الرملية والصخرية مع وجود منطقة أثرية ومحميّة غابيّة مما جعلها وجهة مفضلة للكثير من التونسيين والأجانب.
وقد مثّل المشروع السياحي بالغضابنة بارقة أمل لأهالي المنطقة من أجل الخروج من دائرة التهميش باعتبار قيمة المشروع وأهميته، حيث تمسح المحطة السياحية المزمع انجازها قرابة 200 هكتار وتحتوي على وحدات فندقية وسكنية في «العالية» و»الغضابنة» على مشارف البحر، بالإضافة إلى ميناء ترفيهي «مارينا»، وعدة مراكز تنشيط وملاعب «غولف» ومسلك سياحي أثري، وملعب رياضي، ومسرح هواء طلق، علاوة على إحداث مدرسة سياحية مختصة، ومحطة استشفائية بمياه البحر.
مشاكل عقارية
مازالت عديد المشاكل عالقة بهذا المشروع وتحول دون تقدّمه وانطلاق أشغاله، ولئن أكّد الوفد الوزاري الذي حلّ بالجهة مؤخّرا أنّه تمّ إيجاد مستثمر أجنبي لتبنّي هذا المشروع، إلاّ أنّ المشكل العقاري مازال يعيق انطلاق المشروع ويثير ردود فعل كبيرة لدى أهالي مدينة «الغضابنة»، إضافة إلى القضايا المرفوعة ضدّ عدد من المتهمين على خلفية أحداث الحرق والتخريب التي شهدتها الغابة خلال الأيام الأولى للثورة من طرف عصابات منحرفة، حيث مازالت هذه المحاكمات متواصلة إلى حدّ اليوم تزامنا مع تمسّك بعض الأهالي وتأكيدهم بأنّ هذه الأراضي على ملكهم حسب إثباتات قانونية، والاتفاق الحاصل بين وزارة الفلاحة وإدارة الغابات أقرّ انتزاع هذه الأراضي من مالكيها الأصليين لإقامة مشروع مقاومة زحف الرمال سنة 1959.
ورغم هذه الإشكاليات فإن الآمال تبقى معلّقة على الحكومة الحالية للوصول بالمشروع إلى برّ الأمان من خلال تكليف إدارة الغابات بالمهدية بإيجاد الحلول المناسبة باعتبارها تحتفظ بخرائط «طوبوغرافية» تبيّن بوضوح ملكية الأهالي وحدود أراضيها وهو المطلوب في مثل هذا الوقت الذي برزت فيه على السطح نداءات لمواطنين يدّعون ملكيتهم لبعض الأراضي ويطالبون باستردادها بعد أن تمّت حيازتها حاليا.
ولم يخف أهالي جهة المهدية ومنطقة «الغضابنة» خاصة قلقهم بشأن تأخّر مساعي الحكومة الى البحث عن حلّ جذري للمشكل العقاري قبل البحث عن مستثمر لتبنّيه، وتعمّدها المماطلة والمرور على هذا المشروع خلال زيارة الوفد الوزاري للجهة مرور الكرام من خلال لمحة بسيطة افتقرت إلى جانب هام من الصحة، وأريد بها فقط حسب رأيهم بثّ الطمأنينة في نفوس المواطنين الذين ساءهم مماطلة الحكومة وعدم أخذها مطالبهم بالجدية اللازمة للإسراع في انجاز ما تم التخطيط له، وانتشال هذه المنطقة من واقع التهميش والإقصاء الذي تعيشه منذ عقود.