تقدم كما هو معلوم رئيس الحكومة السابق الباجي قايد السبسي بمبادرة ضمت العديد من الأحزاب أطلق عليها حركة « نداء تونس « وقدمها على أساس أنها مبادرة لتحقيق التوازن السياسي في البلاد وقد أثارت ردود فعل عنيفة في الجهة. ردود فعل ترفض مسرحية إرجاع التجمعيين من النافذة على حدّ تعبير ممن التقتهم «الشروق» وتحدثت اليهم. «الشروق» تجولت في الشارع لاستجلاء ردود الفعل حول هذه المبادرة التي رأى فيها الاهالي تنكرا للثورة ومحاولة للالتفاف عليها وحملوا المسؤولية لكافة الأحزاب دون استثناء سواء الحاكمة أو المعارضة لأنها فسحت المجال للسبسي وأتباعه للتحرك لأن الطبيعة لا تؤمن بالفراغ على حد تعبير الباحث والأستاذ علي العمري الذي رأى أن المبادرة لا علاقة لها بأهداف الثورة وهي دليل على فشل مشروع الوفاق الوطني وهي مبادرة لا أفق لها نظرا لأنها لم تقدم بديلا فعليا من أجل تحقيق أهداف الثورة ورأى أن الباجي قايد السبسي ليس الشخص المناسب نظرا إلى ارتباط شخصيته بالاستبداد طيلة مسيرته السياسية واعتبر ان عودة السبسي إلى الساحة تدل على أن الصراع في تونس لم يعد قائما على مبدأ أصدقاء وأعداء الثورة بل عاد إلى الصراع التقليدي بين التجمعيين والاسلاميين وهذا هو ناقوس الخطر والامر يستوجب وحدة وطنية بأتم معنى الكلمة وتشريك كل القوى التي شاركت في الثورة وتعتبر هذه المبادرة حسب رأيه نوعا من تحويل الصراع من صراع ضد الفقر والتهميش إلى صراع من أجل الحكم وهو ما يعني الانحياز عن اهداف الثورة الحقيقية وبالتالي التفافل على الثورة وحمل الاحزاب الحاكمة المسؤولية بإقصائها لبقية الاطراف كما حمل المسؤولية لليساريين والقوميين أيضا بتشرذمهم الذي فسح المجال لالتفاف التجمعيين على الثورة واعتبر أن إنقاذ الثورة يتطلب وفاقا وطنيا حقيقيا.
اما السيد لطفي عيادي أستاذ تاريخ ونقابي وصف المبادرة بالكارثة لأن السبسي حسب رأيه من أبرز صناع الاستبداد البورقيبي وأن دعوته إلى الوفاق لا تعكس تاريخه إذ كان من أبرز ممارسي سياسة الاقصاء والتعذيب ضد شركائه فما بالك إذا تعلق الأمر بفرقاء ومنافسين على السلطة ولاحظ أن السبسي كشف بمبادرته عن أن الخطر الحقيقي ليس من الاسلاميين أو العلمانيين وإنما من فلول التجمع المنحل الذي لبس جبة الدستوريين وقدموا أنفسهم على أنهم شرفاء ولكنهم في الحقيقة لا فرق بينهم وبين التجمعيين ودعا إلى اليقظة التامة لإنقاذ البلاد من عودة التجمعيين الذين عاثوا في البلاد فسادا ولازالوا.
الشاب ماهر وهو من المعطلين عن العمل ويعمل في محل لبيع الملابس الجاهزة اعتبر المبادرة بمثابة الكارثة على الثورة وأهدافها واستغرب من تسمية الحزب «نداء تونس» ولاحظ أن تونس نادت في ديسمبر وجانفي 2010 2011 شبابها ولم تناد شيوخها ونادت أحرارها ولم تناد التجمعيين بل كان الباجي قايد السبسي في منزله يدعو الله لفشل الثورة ولم يخرج إلى الشارع فكيف يتجرؤ ويسعى اليوم إلى الالتفاف على الثورة والغريب أنه غازل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كانت له معه صراعات زمن بورقيبة مما يبين انتهازية الرجل.
لن يمروا هذا ما صرح به النائب وليد البناني والذي أكد أن من حق أي تونسي أن ينتظم في حزب أو جمعية أو جبهة وهو حق أهدته الثورة لكل التونسيين والتي لم تكتمل أهدافها بعد ولم تتحقق مما جعل المتربصين يحاولون الالتفاف عليها على غرار الباجي قايد السبسي الذي يسعى إلى إعادة النظام البائد المجرم والدليل على ذلك أن المبادرة انضم اليها رموز التجمع والمتعاطفون معه من رجال أعمال ومواطنين وأصحاب مصالح ذاتية لا علاقة لهم بالوطنية ولكن الشعب التونسي بلغ من النضج القدر الكافي الذي يجعله يميز بين الغث والسمين وبين من يريد الرقي بالبلاد ومن يريد إعادة الفساد والمفسدين إلى الساحة الذين أطردهم شباب تونس الأحرار ولاحظ أن الشعب الذي انتفض ضد الظلم والطغيان لن يرض بعودة الدكتاتورية من جديد وأضاف أن هذه المبادرة التي تثير اليوم ضجة إعلامية لن يكون لها تأثير على المشهد السياسي في المرحلة المقبلة ودعا إلى قطع الطريق أمام هؤلاء الذين عاثوا في البلاد فسادا طيلة خمسين سنة ورغم ذلك كان شباب الثورة رحيما بهم حيث لم يقع القصاص كما حصل في ثورات أخرى إلا أنهم استغلوا هذه الطيبة ليتسللوا من جديد إلى السلطة رغم أن الكثير ممن انضموا إلى مبادرة السبسي بما فيهم صاحب المبادرة لهم ملفات فساد سيفتحها الشعب في الوقت المناسب واعتبر أن كل من ينضم إلى هذه المبادرة يعتبر شريكا في الفساد حتى وإن لم يقترفه سابقا وختم حديثه بالتأكيد على أنه متيقن من أن أبناء القصرين الذين رفضوا التجمع لن يرضوا به مجددا ولن يسمحوا لهذه المبادرة أن تمر .