أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل مؤخرا عن مبادرة قال انها ستكون إطارا للحوار والتوافق يساعد على تذليل الصعوبات وتقريب وجهات النظر والمساعدة على تامين المرحلة الانتقالية الثانية وتجنّب المنزلقات التي تتهدّد بلادنا. وقد دعا كلّ الأطراف من حكومة وأحزاب وجمعيات ومنظّمات إلى عقد مؤتمر وطني جامع يدير حوارا حقيقيّا لصياغة توافقات كبرى تؤمّن إدارة المرحلة الانتقالية.. فما هو موقف الأحزاب من هذه المبادرة؟
شهدت الساحة السياسية في الفترة الاخيرة عديد الاضطرابات ولعل آخرها الصراع الذي ولدته ما قيل أنها صور مسيئة في فضاء العبدلية وشارفت البلاد على الاحتراق نتيجة غياب الحوار وجنوح كل طرف الى التمسك برأيه أو موقفه دون محاولة الاستماع الى المواقف الاخرى وهو ما أصبح يمثل موطن الخلل في الساحة السياسية التونسية وفي هذا الظرف جاءت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ليس لتجميع مجموعة للتصدي لأخرى وانما لجمع كل الأطراف السياسية حول طاولة الحوار فما هو موقف الأحزاب السياسية من هذه المبادرة؟ وما مدى استعدادهم للانخراط فيها؟.
وللإجابة عن ذلك اتصلت «الشروق» بعدد من الفاعلين السياسيين ومن بينهم الترويكا الحاكمة فكانت مواقفهم كالتالي: عصام الشابي (الحزب الجمهوري : متفقون مع الاتحاد في المضامين نحن دائما نقدر عاليا دور الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لعب دورا وطنيا يتجاوز الدور الاجتماعي للمنظمة الشغيلة، والمبادرة جاءت من منطلق شعور قيادة المنظمة بحاجة البلاد لمخرج من المأزق الحالي.
بالنسبة لنا تلقينا بإيجابية مبادرة الاتحاد ونعتبر انها وضعت الاصبع على الداء وعلى القضايا المحورية التي يجب البحث عن توافق حولها ومحاولة الخروج بالبلاد من الازمة التي وجدت فيها، قد لا نتفق مع الاتحاد في العناوين لكننا نتفق في المضامين منها موعد الانتخابات ومسار التنمية وتحقيق أهداف الثورة. كما نعتبر ان الحوار الوطني يجب ان يكون دون شروط مسبقة وان تلتقي كل الاطراف حول طاولة الحوار قصد الوصول الى الحلول التي نتفق عليها فالبلاد لا يمكن ان تتحمل الاحتقان الاجتماعي وتردي الوضع الامني ولا يمكن ان نؤمن نجاح المرحلة الانتقالية دون ذلك وسنتفاعل ايجابيا مع مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل. لا يمكن الا ان نستبشر بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل فذلك كان مطلبنا منذ 16 فيفري 2011 لتكوين مجلس وطني للحوار ومبادرة الاتحاد جعلت الامر قابلا للتحقيق وذلك هو الحل فليست هناك اية طريقة أخرى لتجاوز هذا الوضع.
الوضع الانتقالي ناجم عن انتقال ثوري افرز قوى بديلة ويفرض عليها ان تكون اصلاحية لتحقيق التوافق الذي لا يحصل الا بالحوار، هذه المبادرة بإمكانها ان تفتح آفاقا جديدة اذا أخذت بجدية من قبل أحزاب الترويكا وخاصة حركة النهضة التي تريد السلطة ولا تقبل باقتسامها وهذا ليس حكما بالغيب وانما لأنها تتعامل الى حد الآن بتلك الطريقة فقد استولت على النيابات الخصوصية بتطبيق المنظومة السابقة أي الحزب الكبير يسيطر على كل شيء بتعلة الاغلبية في الانتخابات.
هذا منطق أعرج وهو ما يجعل كل المبادرات مهددة بالفشل لذلك من الصعب جدا ان نجد مخرجا، في الحقيقة لست متفائلا بأن يؤخذ الامر بجدية فقد أمضوا اتفاقات في اطار الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة ثم تنكروا لها، ربما وجود اتحاد الشغل يغير المعطيات وذلك ما نتمناه.
مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مبادرة ايجابية ويمكن ان تشكل احدى المحاولات الجدية لتفعيل التوافق الوطني، ونحن اذا دعينا للمساهمة في هذه المبادرة فاننا مستعدون. بالنسبة للترويكا اجتمعت ونظرت في جملة من المسائل ومنها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل وعبرت عن استعدادها للحوار على أرضية القطع مع منظومة الفساد والاستبداد والوفاء لمبادئ الثورة وتحقيق أهدافها.
نحن مستعدون للحوار على ارضية هذه الشروط مع العلم انه بالنسبة لنا نعتبر ان المبادرة يكتنفها الغموض في بعض جوانبها وهذا يستوجب التوضيح من اصحاب المبادرة واهم النقاط التي تتطلب التوضيح أولا الاطراف المعنية بالمبادرة فهل هي مفتوحة للجميع دون استثناء أم انها للأطراف المنخرطة في مسار الثورة والتي تعمل على تحقيق أهدافها؟ وهل انها مفتوحة على الاحزاب التجمعية أي هل هم معنيون بها ام لا؟.
فيصل الزمني (اليسار الحديث):
ستجنب البلاد حربا أهلية
ان اليسار الحديث يعبر عن دعمه المطلق لمبادرة اتحاد الشغل التي من شأنها أن تجنب البلاد حربا أهلية باتت قاب قوسين او أدنى وذلك بإيجاد فضاء للنقاش داخل «المجلس الوطني للحوار» الذي سوف يمثل ساحة للنقاش في مختلف المسائل بما يجنب المجلس التأسيسي مزيد إضاعة الوقت وتمكينه من الإسراع في إعداد الدستور وذلك بنقل عدة مسائل لا تهم انجاز الدستور الى «مجلس الحوار الوطني».
ونحن ندعو كل مركبات المجتمع المدني الى الانخراط في هذه المبادرة ولكي تشمل القوى الفاعلة بالبلاد كنقابات الامن وجميع الأحزاب والمنظمات الحقوقية وتنظيمات ضحايا أحداث الثورة وغيرها من أجل أن يكون الحوار شاملا ونقله من الشارع إلى مجلس الحوار المنظم والبناء كما ندعو مرة أخرى إلى تكوين لجنة لتنظيم عمل المجلس وسير أعماله من أجل مزيد الجدوى خاصة وأنه يرد في إطار فراغ تشريعي وتولى المجلس التأسيسي ممارسة التشريع .