تشتهر مدينة «سلقطة» من ولاية المهدية بامتداد شريطها الساحلي، ووفرة المراعي الطبيعية، وثراء وتنوّع مخزونها البحري الذي يعتبر مورد رزق وحيد لمئات العائلات التي تقتات من خيرات البحر باعتماد وسائل صيد تقليدية وبسيطة صيفا وشتاءا. قطاع الصيد البحري بسلقطة يواجه اليوم تحديات كبيرة وصعوبات جمّة ويعيش مشاكل لا تحصى ولا تعدّ لا تلبث أن تتفاقم يوما بعد يوم بسبب ضيق ذات اليد وقلّة الدعم، من جهة، وتجاوزات أصحاب المراكب الكبيرة في حقّ الثروة البحرية للمنطقة وصغار البحارة، من جهة أخرى، حيث أصبح بحارة «سلقطة» يعانون الأمرين بسبب الصيد العشوائي باستعمال «الكركارة» والذي تحوّل الى كابوس يؤرّق حياتهم اليومية، ويهدّد مصدر رزقهم الوحيد، مع ما تمثّله هذه العملية من خطر على المخزون السمكي، وبما تسببه من إتلاف للمراعي وانقراض أنواع مختلفة من الأسماك كانت تشتهر بها منطقة «سلقطة» دون غيرها من المناطق.
وقد تواصلت خروقات أصحاب المراكب الكبيرة (البلانصيات) في ظلّ غياب الرقيب والأمن الرادع، والحال أنّها ممنوعة من الصيد في عمق يقلّ عن 50 مترا نظرا لما تمثله العملية من استنزاف للثروة السمكية وإضرارها بوسائل صيد صغار البحارة من قوراب وشباك و«دراين»، هذا بالإضافة إلى ما تمثّله الأقفاص العائمة لتربية الأسماك من خطر على المخزون البيولوجي بسبب التلوّث الكبير الذي تفرزه عملية تسمين الأسماك عبر فضلات كيميائية وزيوت وروائح كريهة أجبرت الأسماك على أن تغيّر مسالكها المعهودة نحو أعالي البحار هروبا من سموم المبيدات وأسماك «التعليف»، كما جعل صغار البحارة يخشون الاقتراب من هذه الأقفاص مكتفين بما يصطادونه في المياه الشاطئية التي لا توفّر إلاّ النزر القليل من الأسماك، ويعجزون بالتالي حتى عن تغطية مصاريف «السّرحة» في البحر. هذا الوضع بات يتطلّب حماية صغار البحارة، وتدخّلا سريعا من وكالة موانئ وتجهيزات الصيد البحري والمندوبية الجهوية للفلاحة قصد التصدّي لظاهرة الصيد العشوائي، والضرب بقوّة وتطبيق القانون بكلّ صرامة على المتجاوزين والخارجين عن القانون من أصحاب المراكب الكبيرة الذين استغلّوا هشاشة الوضع الأمني في البلاد ليرتكبوا مخالفات تضر بالثروة السمكية بالجهة.أيمن بن رحومة