لماذا تم تغييب وتجاهل مسؤولي ومبدعي المهدية، وتعمد عدم استشارتهم والأخذ بآرائهم في اليوم المخصص للجهة في المعرض العالمي «يوسو2012» بكوريا الجنوبية؟ وهل عجزت المدينة عن إنجاب ولو مبدع واحد قادر على المشاركة. معرض «يوسو2012» الذي تنتظم فعالياته بكوريا الجنوبية على امتداد الفترة الفاصلة بين 12 ماي و12 أوت المقبل تحت شعار «من أجل سواحل ومحيطات حية: تنوع الثروات والأنشطة المستديمة» يسجل مشاركة 100 دولة من مختلف أنحاء العالم على مساحة تقدّر بحوالي 502 كلم مربع. الجناح التونسي المشارك في هذه التظاهرة العالمية ضمن فضاء «المحيط الأطلسي» على مساحة تناهز 250 مترا مربعا سيعرض النتائج التي حققتها تونس في مجال حماية المجال البحري، والمنظومات والتزاماتها في مجال الاقتصاد الأخضر. كما تم تخصيص يوم 27 جوان الجاري لمدينة المهدية في إطار اليوم الوطني التونسي بهدف التعريف بالموروث الحضاري والثقافي الثري لهذه المدينة من خلال عدة فقرات لعل أبرزها تقديم عرض فرجوي تحت عنوان «غولدن شو»، وعروض أخرى لمختلف الأزياء التي ترتديها نساء عاصمة الفاطميين، إضافة إلى إلقاء عدد من النصوص الشعرية باللغتين الأنقليزية والكورية تستحضر جمال البحر، وتاريخ المدينة الضارب في القدم. إلى هنا تبدوالأمور عادية، لكن مجرد التمعّن في تفاصيل برنامج المشاركة التونسية، وخاصة في اليوم المخصص لمدينة المهدية نلاحظ غيابا كليا لمسؤولي ومبدعي الجهة، وقد عبّر لنا عدد منهم عن استغرابهم وامتعاضهم من هذا التجاهل والتغييب الذي اعتبروه متعمّدا.. فهل هناك من هم أدرى بخصوصيات ومميزات الجهة أكثر من أبنائها؟ وهل غاب عن المسؤولين في المركز المثل القائل: «أهل مكة أدرى بشعابها»! المسؤولون آخر من يعلم المندوب الجهوي للسياحة السيد احمد الكلبوسي أكد باستغراب أنه علم بالموضوع عن طريق إحدى المجلات المتخصصة في السياحة، وأنه لم يتصل بأي مكتوب من أية جهة رسمية تستشيره في أوتطلب رأيه في الموضوع، وتابع قائلا: « نحن لا نبحث عن السفر أوغيرها من الأمور التي نعتبرها ثانوية، لكن كان من المفترض الاتصال بنا حتى نقدم لهم الإضافة ونمدّهم بكل المعلومات والتفاصيل والوثائق المتعلقة بخصوصيات الجهة التي يمكن أن تخدم الجهة في مثل هذه التظاهرات العالمية الكبرى»، مشددا على ضرورة القطع مع المركزية المفرطة وتغيير العقليات القديمة وتشريك الجهات للتعريف بنفسها. وبدوره نفى المندوب الجهوي للثقافة السيد الحبيب الإمام علمه بهذه التظاهرة، مؤكدا أنه لم يتم التنسيق مع المندوبية في خصوص تفاصيل اليوم المخصص للتعريف بموروث المدينة الحضاري والثقافي. وكذلك عبرت السيدة لطيفة لطيّف المندوبة الجهوية للصناعات التقليدية عن حسرتها على عدم المساهمة في هذا اليوم المخصص لمدينة المهدية في تظاهرة عالمية بهذا الحجم خاصة وأن السوق الكورية أصبحت اليوم تكتسي أهمية بالغة على المستوى العالمي. المسؤول عن دائرة الإعلام بولاية المهدية السيد أحمد فقيه حسن نفى هوالآخر علمه بهذه التظاهرة وتفاصيل المشاركة التونسية فيها. إقصاء مبدعي الجهة سفيان الكسراوي باحث في الموسيقى، ويعدّ رسالة دكتوراه في اختصاصه عبّر عن استيائه من هذا التجاهل والتهميش الذي يلقاه مبدعو الجهة وفنانوها، متسائلا من هم الذين سيمثلون الجهة في تظاهرة «يوسو2012»؟ وماهي الإضافة التي سيقدموها في هذا الصدد؟ وأضاف أن الفساد والمحسوبية مازالت تحكم ممارسات المسؤولين في المركز، فمحتوى العرض الذي قُدّم للتعريف بمدينة المهدية سيكون بالضرورة مسقطا لأنه لم يُبن على أسس علمية، ومن هذا المنطلق لم تتم برمجة فرقة «النوروز» العريقة بالجهة والتي نوّهت بها عدة وفود من الاتحاد الأوروبي شاهدت عروضها، كما لم يقع تشريك المخرج حسين المؤذن، والأستاذ حسين الحاج يوسف المختص في التراث على سبيل المثال. ومن جهته أبدى السيد لطفي حمايد رئيس فرقة «النوروز» للفنون الشعبية بالمهدية استغرابه من هذه المعاملة التي لا تليق بالمكانة التي من المفترض أن يحظى بها المبدع، مشيرا إلى تواصل سياسة الإقصاء والتهميش التي اعتقدنا على حد تعبيره أنها ولّت بلا رجعة في تونس ما بعد الثورة، ، متسائلا في النهاية هل تقبل أي جهة في البلاد أن يمثلها غير أبنائها في التظاهرات والمناسبات الدولية؟