الندوة الجهوية للخدمة الوطنية والانتدابات بالجيش الوطني التي التأمت بمقر ولاية المهدية بداية هذا الأسبوع أتت في اطار الاحتفال بالذكرى 56 لانبعاث الجيش الوطني بحضور والي المهدية محمد الناجم الغرسلي، وعدد من كوادر المؤسسة العسكرية.
إقبال ضعيف
المقدم الهادي بن أحمد رئيس المكتب الجهوي للخدمة الوطنية بسوسة قدّم مداخلة عرّف من خلالها الخدمة الوطنية، ومراحل الواجب الوطني، وتسوية الوضعية ازاء الخدمة العسكرية، ومزايا التجنيد، حيث بيّن أن الفصل الثاني من القانون عدد 1 لسنة 2004 نصّ على واجب كل مواطن بلغ من العمر 20 سنة أن يتقدّم تلقائيا لأداء الخدمة العسكرية، ويبقى ملزما بذلك الى حين بلوغه سن 35 سنة، مشدّدا على أن كلمة مواطن تعني الجنسين الذكر والأنثى على حد سواء، والمرأة موجودة ضمن أفراد القوات المسلحة انطلاقا من رتبة جندي متطوّع الى رتبة عميد، وقد أثبتت كفاءة عالية في عملها، متسائلا عن الأسباب التي تمنعها من أداء الواجب العسكري الوطني؟ وأرجع المقدم بن أحمد عدم شمول الخدمة الوطنية الفتيات رغم الطلبات الكثيرة الواردة على مصالح التجنيد الى النقص الفادح في تهيئة الثكنات ومراكز التدريب من حيث المبيتات، و«الأدواش» وغيرها وهي حاليا تمثّل العائق الوحيد الذي يحول دون تجنيدهن. كما توقّف المقدم بن أحمد عند ما يسمى ب«الرّافل» وهو حملات أمنية تقوم بها وزارة الداخلية للتثبت من هويات المواطنين، ومن سجلات سوابقهم العدلية، واذا ما وُجد من لم يسوّ وضعيته ازاء الخدمة الوطنية فتتم احالته على مصالح وزارة الدفاع، داعيا التلاميذ الى المبادرة بتسويات وضعياتهم، وتقديم شهادة حضور يتسلمون على اثرها مباشرة شهادة تأجيل تجنبا لاحالتهم على القضاء العسكري دون علمهم باعتبار أن لجان الاحصاء التي يترأسها معتمد الجهة ترسّم كل من بلغ سن الثامنة عشرة بجداول الاحصاء دون أن تتوفر لديها معطيات حول وضعيته الاجتماعية. وفي نفس السياق أشار المقدم بن أحمد الى ضعف الاقبال على التجنيد رغم المرونة المتوفرة في القانون التونسي مقارنة بعدة دول أخرى التي تتراوح فيها مدة الخدمة العسكرية بين سنتين وثماني سنوات، اضافة الى لجوء الشباب بصفة مكثفة الى نظام التعيينات الفردية الذي يتضمن تدريبا أوليا مدته 21 يوما مع دفع المساهمة المحمولة على المعني بالأمر حسب الأجرة التي يتقاضاها، متجاهلين مزايا الخدمة الوطنية في ترسيخ مبادئ حب الوطن والانضباط، وتنمية روح المواطنة، واحترام مقدسات البلاد وقيم المجتمع التونسي، والدفاع عن حوزة الوطن، والمساهمة في نشر السلم في العالم.
اختصاصات مطلوبة في سوق الشغل
ومن جانبه عرض الرائد شكري بن رمضان مهندس ميكانيك طائرات بالقاعدة الجوية بصفاقس مساهمة الجيش التونسي في المجهود الوطني لتأهيل وتكوين الشباب، واكسابهم مهارات وخبرات تؤهلهم للدخول والاندماج في سوق الشغل من خلال برنامج التدريب المهني الذي انطلق صلب المؤسسة العسكرية منذ سنة 1965، ليتم تدعيمه ببرنامج تأهيل حاملي الشهائد العليا سنة 2001 عبر دورات تكوينية في الاعلامية والملتيميديا واللغات، ثم فسح المجال أمام المدنيين ذكورا واناثا لمتابعة برامج التكوين المهني بداية من سنة 2004 عن طريق مكاتب التشغيل والعمل المستقل مع امكانية انتداب المتميزين في صفوف الجيش الوطني. وأضاف الرائد بن رمضان أنه تم احداث 12 مركز تكوين مهني و21 ورشة فنية الى حد الآن تساهم سنويا في تكوين 2500 متربص في 50 اختصاصا يشرف عليها حوالي 175 مكوّنا، في انتظار افتتاح مركز جديد خلال شهر سبتمبر القادم بمدينة قفصة، ومركزين آخرين بكلّ من مدينتي سيدي بوزيد وجرجيس. وفي ما يخص الشهائد التي تمنحها هذه المراكز فقد أكد الرائد بن رمضان أنها تشمل أغلب الاختصاصات المطلوبة في سوق الشغل حسب المستويات الدراسية للمتربصين سواء من العسكريين أو المدنيين لعل أبرزها مؤهل التقني المهني (ثانية ثانوي منهاة)، وشهادة الكفاءة المهنية (التاسعة أساسي منهاة)، وشهادة مهارة (دون التاسعة أساسي)، وشهادة ختم التدريب (السادسة أساسي منهاة) في اختصاصات مثل تقني في إليكترونيك البحرية، وتقني في الصناعة الميكانيكية، ورسام دراسات في البناء المعدني، وتقني في صيانة أجهزة الميكرو اعلامية، هذا دون اعتبار الامتيازات الممنوحة للمتربصين المتمثلة في اسناد منحة شهرية، ومجانية العلاج والأكل، والتمتع بتعريفة النقل الخاصة بالتلاميذ.
وعن الآفاق المستقبلية لهذه البرامج قال الرائد بن رمضان إن وزارة الدفاع ستسعى خلال الأشهر القادمة الى الرفع من طاقة استيعاب مراكز التكوين المهني، ومزيد احداث اختصاصات أخرى مطلوبة في سوق الشغل، وادماج المتربصين في المؤسسات الصناعية، وارساء منظومة الجودة في مراكز التكوين المهني علّها تساهم في توفير اليد العاملة المختصة، وفي امتصاص نسب البطالة المرتفعة التي يجب أن تتحول الى رهان تتكاتف من أجله جميع الجهود لكسبه، والاقلاع بتونس نحو آفاق اقتصادية أرحب.