علاقة الإدارة كمرفق عمومي بالحزب الحاكم وبأجهزة الدولة هو محور ندوة فكرية نظمتها مؤخرا جمعية ميثاق للتنمية والديمقراطية وكان المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أبرز ضيوف هذه الندوة التي انتظمت بدار الشباب بباجة. وشهدت الندوة حضورا محترما كما وكيفا من أعضاء لجمعية ميثاق وناشطين سياسيين وحقوقيين وبقية مكونات المجتمع المدني فضلا عن مثقفي الجهة وإعلامييها .وقد تحدث السيد صلاح الدين الجورشي عن العلاقة الوطيدة والتاريخية بين الإدارة والحزب السياسي واعتبر أن هذه العلاقة أو هذا التداخل سمة ملازمة للدولة إذ ارتبطت الإدارة منذ نشأتها بالآلة الحزبية السياسية التي حكمت تونس منذ 1956.
كما ذكر الضيف أن الدولة الوطنية الجديدة هي دولة ابتلعت المجتمع حيث أن المجتمع المدني أخضع منذ 56 إلى القوالب الحزبية والسيطرة السياسية وقد تفنن بن علي في إخضاع المجتمع الى الأجهزة الأمنية التي استمد منها قوته ومهابته حتى في علاقاته الشخصية مع المحيطين به من السياسيين حيث أخضع المؤسسات التي أوجدها بورقيبة إلى هذه الأجهزة الأمنية وعمل على إضعافها غير أنه لم ينجح في ذلك خلال الثورة بفضل إطاراتها الكفأة التي أدت واجبها وحرصت على استمرار الخدمة الإدارية رغم صعوبة الظرف.
ومن جهة أخرى أشار السيد صلاح الدين الجورشي في حديثه إلى أن الأهداف الأساسية للثورة والمتمثلة أساسا في التمتع بالحريات وتحقيق الكرامة وشعور المواطنين بالارتياح وذلك من خلال دولة ديمقراطية أساسها نظام ديمقراطي ينبثق من رؤية وإرادة سياسيتين تجعلنا نتفاعل مع ما يطرح علينا أو مع أي طرف تفوضه شرعيته ليحكم علينا وهو من أوكد شروط نجاح المشروع السياسي .
وفيما يتعلق بالتحكم في السلطة وإحكام قبضة الحكم ذكر الضيف أن المعارضة القوية هي أولى مقومات الحكم القادر على التحكم في السلطة وتفادي الانزلاقات التي تؤدي الى الهفوات السياسية مؤكدا أن ضعف المعارضة من شأنه أن يقود محتكري السلطة إلى الخطأ ومضاعفة الاحتكار. كما أكد الجورشي أهمية تناول أصول الدولة بشكل شفاف بما يضمن استقلاليتها واستمراريتها وذلك في إشارة إلى الدور الذي برهنت عليه المنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني لبناء المجتمع المدني المنشود. وفي إشارة إلى حرية الإعلام واستقلاليته دعا الضيف إلى ضرورة رسكلة الصحفيين الذين عملوا تحت السيطرة وفقدوا الكثير من الخصائص المهنية والابتعاد عن السيطرة على عمل الصحفي وإعطائه فرصة تأسيس إعلام حقيقي وفعال وديمقراطي .
وفي إطار اللامركزية الإدارية دعا السيد صلاح الدين الجورشي إلى ضرورة إرساء نظام سياسي تتوزع فيه السلطات بين الجهات المركزية والجهوية مشيرا إلى حق الجهات في المطالبة بحقه في إدارة الشأن المحلي الإداري والثقافي والسياسي من أجل القول بالتجاه نحو بناء نظام سياسي ديمقراطي أهمه استقلالية الإدارة التي هي جزء من عملية توزيع السلط والأدوار داخل النظام السياسي الذي نريد أن نحققه.