منذ توليه وزارة الثقافة لم يتوقف مهدي مبروك عن الحديث، عن مهرجان قرطاج الى درجة اعتقدنا فيها ان تعيينه لم يكن على رأس الوزارة وإنما على رأس إدارة مهرجان قرطاج. ويكفي ان أولى تصريحاته عقب تعيينه على رأس الوزارة كانت حول مهرجان قرطاج وإليسا ونانسي عجرم وليس عن وزارة الثقافة ودورها في التنمية الثقافية. وحتى حادثة معرض قصر العبدلية التي أشعلها وكادت ان تدخل البلاد في حرب أهلية لم تنس المتابعين لنشاط الوزير تصريحاته بخصوص إليسا ونانسي عجرم وعبارته الشهيرة «على جثتي». كما ان كل المهرجانات الصيفية مجتمعة والتي كانت وراء تميّز تونس ثقافيا وسياحيا بين مختلف دول العالم لم تسترع انتباه الوزير للحديث او حتى الإشارة اليها من قريب او من بعيد.
ولشدة هوس الوزير بمهرجان قرطاج يكتشف المبحرون على الأنترنات ان الموقع الالكتروني النشيط لدى وزارة الثقافة هو موقع مهرجان قرطاج وليس موقع الوزارة الذي هو الآن بصدد إعادة الصيانة بمعنى انه غير نشيط. ولا ندري إن كانت وظيفة وزير الثقافة هي إدارة مهرجان قرطاج أم إدارة وزارة الثقافة التي من مهامها وضع الخطط والبرامج الثقافية في البلاد كتنشيط الحياة الثقافية ودعم المبدعين وترويج المنتوج الثقافي الوطني سواء في الداخل او في الخارج وبعث المؤسسات الثقافية وتشغيل أو إدارة وتنشيط المؤسسات النشيطة مثل المكتبة الوطنية والاوركستر السمفوني التونسي والمنظمة التونسية لحقوق التأليف والفرقة الوطنية للفنون الشعبية والمركز الثقافي الدولي بالحمامات ومركز الموسيقى العربية والمتوسطية واللجنة الثقافية الوطنية والمسرح الوطني.. كما ان من مهام وزارة الثقافة بناء المسارح والمراكز الثقافية. وهنا نتساءل بالمناسبة: أين وصل مشروع بناء مدينة الثقافة بمدينة تونس ومراكز الفنون الدرامية والركحية المزمع بعثها في بعض الولايات؟
كما نتساءل عن خطة الوزارة بخصوص اعادة هيكلة وتنشيط دور الثقافة التي تحوّلت منذ 14 جانفي 2011 الى فضاءات سياسية وليست ثقافية تجتمع فيها الاحزاب السياسية وأحيانا تؤجر للحفلات الخاصة!
ويبقى السؤال المحوري حول ما إذا كان وزير الثقافة مدركا لدوره الحقيقي وهو وزارة الثقافة وليس وزارة إدارة مهرجان قرطاج؟ إذ اقتصرت وظيفته منذ ان تم تعيينه على رأس الوزارة على افتتاح بعض التظاهرات الثقافية والحديث عن مهرجان قرطاج، وحتى المبدعون الذين وقع تهميشهم والتعدي عليهم منذ 14 جانفي 2011 وآخرهم الرسامون المشاركون في معرض قصر العبدلية والفنانون المقصون من مهرجان قرطاج لم يجدوا لدى الوزير سندا او حتى منصرا، بل انه وقف ضدّهم في حادثة معرض قصر العبدلية ورفض حتى الاعتذار لهم.