تساؤلات عن كتابة الدستور الجديد وكيفية بناء التوافق وبحث في أهم القضايا الشائكة التي تواجه مسار كتابة الدستور وسبل ترسيخ قيم المواطنة والمشاركة الشعبية في الدستور الجديد كانت أهم القضايا التي ناقشها مؤتمر الحوار الوطني حول صياغة الدستور. المؤتمر الذي نظمه مركز دراسة الإسلام والديمقراطية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اختتم أشغاله أمس بالعاصمة بعد سلسلة من الجلسات والمداخلات شارك فيها نواب من المجلس التأسيسي وممثلون عن أحزاب سياسية وجمعيات من المجتمع المدني وحقوقيون.
وتضمنت أشغال المؤتمر دورات موازية هي أشبه بأشغال الورشات أو اللجان التي تحاكي اللجان التأسيسية التي تعمل في صلب المجلس الوطني التأسيسي، حيث جرى داخلها نقاش بإشراف عدد من الحقوقيين مثل زهير مخلوف وبشرى بلحاج حميدة، وبحضور نواب في التأسيسي ممثلين عن كل لجنة (لبنى الجريبي وهاجر عزيز عن لجنة التوطئة والمبادئ العامة وتعديل الدستور وفطوم لسود عن لجنة القضاء العدلي والإداري والدستوري والمالي وصالحة بن عائشة وزياد العذاري عن لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقات بينهما وجمال الطوير عن لجنة الهيئات الدستورية).
وقدّم النواب الحاضرون في أشغال المؤتمر ومن بينهم رئيس كتلة التكتل المولدي الرياحي ومساعد رئيس المجلس التأسيسي المكلف بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني بدر الدين عبد الكافي قراءتهم لأبرز القضايا التي تواجه مسار كتابة الدستور وكيفية التوصّل إلى التوافق المطلوب حول القضايا الخلافية ومنها شكل النظام السياسي وكيفية توزيع السلطات.
وفي أشغال اليوم الثاني تمحور الحوار حول ترسيخ قيم المواطنة والمشاركة الشعبية في الدستور الجديد، وقال رئيس حزب المجد عبدالوهاب الهاني في هذا السياق إن السؤال المطروح اليوم ليس كيف نقسم الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية ونحدّد مركز القرار هل هو في قرطاج أم في القصبة بل كيف نحدّ من تغوّل السلطة المركزية. وأوضح الهاني أنّه من الضروري أن نوفّر للمواطنين من خارج المجالس الحاكمة الفرصة لأن يقدّموا مقترحات وتصورات بخصوص إدارة الشأن العام.
وتحدّث الهاني عن مفهوم «حسن التولي» (والعبارة لابن خلدون) قائلا «إن ترسيخ قيم المواطنة والمشاركة الشعبية هو من صلب حسن التولي».
من جانبها حذّرت أستاذة القانون الدستوري سناء بن عاشور من أن نغترّ بفكرة «الديمقراطية التشاركية» موضحة أنّ «بن علي تسلّط علينا بالديمقراطية التشاركية وخلق مفهومه الخاص للمجتمع المدني وأنشأ آلاف الجمعيات خدمة لنظامه، كما حذرت من التصادم بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية معتبرة أن الديمقراطية التمثيلية هي الوحيدة التي تجعل الشعب يعبر عن ذاته وطموحاته.
وقالت بن عاشور «يجب ألّا نترك لمن بيده السلطة أن يؤوّل القوانين بصفة يكون فيها انتكاس للحقوق والحريات كأن نقول مثلا إن الدستور يقرّ حرية التعبير طبقا للقوانين، فهذا فيه خطر على الحرية لأن القوانين تحدّد ما يضمن الحرية وليس ما يقيّدها».
وأكّد الخبير في العلوم السياسية والحركات الإسلامية الدكتور عليّة العلاني أن القضية اليوم ليست قضية كتابة الدستور بل هي قضية احترامه.
وتحدّث العلاني عن «الزلات» التي وقعت فيها «الترويكا» مشيرا إلى أنها عجزت عن احترام الدستور الصغير وما انجرّ عن ذلك من أزمة، فكيف بالدستور الكبير؟
ورأى العلاني أنه من الضروري «التخلي عن الخطاب المزدوج من مختلف الفرقاء السياسيين وأن نسرع بشكل كبير في إدخال مفهوم المواطنة وقيمها في نظامنا التربوي والقيام باستشارات شعبية في الجهات وفي الإعلام حول كتابة الدستور وترسيخ قيم المواطنة». واعتبر العلاني ان للسلطة اليوم 3 خطابات، خطاب لقواعدها، وخطاب للرأي العام في الداخل وخطاب للخارج».