جلسوا الى الصالون وقد تصبب الوالدان عرقا من شدّة حرارة الطقس في حين سارع الابناء الى البلور القريب من مكتب الاستقبال يشاهدون المسبح وقد اكتظّ بالسابحين.. وانتهى انتظارهم الذي جاء مرفوقا بعبارات الاعتذار «لا وجود لغرفة شاغرة. كان لا بدّ من تأكيد الحجز مسبقا» هكذا كان المشهد ظهر يوم السبت باحد النزل السياحية بياسمين الحمامات حيث بلغت طاقة الاستيعاب 100 في المائة لكل النزل التي كانت مفتوحة للعموم نفس الامر لولاية سوسة حيث اكد مسؤولو الجهة انه ومنذ حوالي الثلاثة أسابيع فان الغرف كلها محجوزة بين سياح أجانب وعائلات تونسية .
بداية موسم سياحي ناجح لانتعاشة اقتصادية بعد اشهر عانى منها التونسيون والتجار من ركود في شتى المجالات واشاعات جعلت من التخوف من انهيار الموسم السياحي فّزاعة لدى العاملين بالقطاع الذي يشغّل الالاف من المستفيدين من السياحة بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
بين جزيرة جربة ومدينة الحمامات ومدينة سوسة شهدت الاسابيع الحالية انتعاشة حقيقية للسياحة الداخلية خاصة العائلات التونسية التي اختارت شهر جوان وبداية شهر جويلية للاصطياف قبل حلول شهر رمضان وقدوم وفود من السياح الروس والنرويجيين كذلك عودة قوية للسيّاح الالمان .
لا للاضراب لانقاذ الاقتصاد
محمد البيباني وكيل مطعم سياحي بجزيرة الاحلام جربة تحدث عن بداية هذا الموسم: «الجزيرة «كومبلي» كل الاختصاصات تعمل ليلا نهارا لانجاح الموسم والسياّح يملؤون النزل والفنادق ودون اعتبار السياح التونسيين فهناك الفرنسيون وعودة قويّة للسيّاح الالمان فالجزيرة لا تقدّم سياحة البحر والشمس فقط فهي تقدّم جودة الخدمات سواء داخل النزل او المطاعم او المدن الترفيهية وهذا ما يميّزها فالدورة الاقتصادية تبدأ انتعاشتها من هنا ولعّل الاهم انه لا وجود لاي معتصم بالجزيرة لا لشيء سوى ان الجميع اتفق ووضع اليد في اليد من اجل العمل فقط ولا غير العمل ومن يريد الاعتصام يغادرنا.. انجاح الموسم السياحي هو الغاية وانا اراه فعلا ناجحا جدا هذا العام وهذا هو التحدّي الحقيقي حيث يمكن للبائع المتجول والمنتصب وبائع الصناعات التقليدية وصاحب المقهى والتاكسيست الاستفادة المباشرة من نجاح الموسم دون اعتبار المستفيدين بطريقة غير مباشرة كتجّار الخضر والغلال .
حجوزات الى موفى جويلية
«النزل محجوزة الى نهاية الشهر وكل المدينة بلا غرفة شاغرة الليلة» هكذا استهل السيد مهدي البرجي. مدير تسويق باحد النزل السياحية الكبرى بمدينة سوسة كلامه عن السياحة لهذا الموسم مضيفا: «لا يجب ان ننسى ان التونسي او العائلة التونسية غادرت لتوها الامتحانات وقريبا رمضان على الابواب لذلك هناك تواجد كبير للأسر التونسية ثم هناك السياح الالمان والروس والبلجيكيون وعدد اخر من الجنسيات فالسائح يحب تونس التي هي من البلدان الآمنة فعلا رغم بعض الحوادث المنعزلة وهنا مثلا (متحدثا عن النوعية الجديدة من التسلية التي اضافها النزل الى خدماته السياحية) السياحة لم تعد بحرا وشمسا فقط هناك عدة انشطة اخرى تجلب السياح كالسياحة الغابية والصحراوية فالسائح يريد الترفيه ويريد انشطة لذلك مثلا فكرنا في عدم اضافة غرف اخرى للنزل الذي يتسع ل525 سريرا وقمنا باستغلال مساحة 4 هكتارات في اعداد فضاء ترفيهي هو الاول افريقيا للتسلّق بين الاشجار.. فانتعاش السياحة يخدم الجميع..
من الخبّاز الى العملة الصعبة
السيد عبد الكريم الساعدي موظف بنكي وحريف وفي لمدينة ياسمين الحمامات منذ زواجه قبل اربعة اعوام تحدث بالقول: »لا احد ينكر اننا عشنا جميعا تخوفا كبيرا جدّا من فشل الموسم السياحي.. فالموسم ليس فقط نزلا كما قد يعتقد البعض بل هو الاقتصاد الذي لا يهم فقط ميزانية الدولة أو توفير العملة الصعبة بل يتعداه لانتعاشة الجميع حين تشهد مدينة ما حركية فتأكد أنك تقضي على البطالة.. الحركية معناها ان الخضّار يعمل والفلاح يبيع منتوجه والجزّار يبيع بضاعته والعطار والمغازة والخبّاز وحتى الحماص بائع الفواكه الجافة ومصنع المثلجات كذلك الباعة المتجولون على الشاطئ انها ليست مجرد موسم سياحي بل انتعاشة اقتصادية للجميع لذلك كفانا سلبية.
معدّل 65 في المائة اشتغالا
معدّل 65 في المائة اشتغالا هو الرقم الذي أمدنا به السيد محمد فوزي جاوي والي سوسة اجابة عن تساؤلاتنا حول الموسم السياحي بالولاية بعد الاشاعات التي لمحت الى فشل هذا الموسم مضيفا: «انه معدّل الاشتغال الكلي واذا اردنا القراءة فهناك نزل وفنادق محجوزة الى نهاية شهر اكتوبر القادم مثلا كما يوجد حوالي عشرين نزلا مغلقا بسبب ضعف التسويق وبسبب مشاكل مادية ونسقها الضعيف في العمل».
لكن عودة الهدوء واستتباب الأمن وخاصة امن السائح رغم حدوث بعض الحوادث المتفرقة كان يمكن ان يكون الموسم أفضل مما هو عليه الان ومازال علينا العمل بأكثر جديّة للقضاء على بعض المظاهر التي لا تشرف السياحة منها تنظيم سوق البزناسة التي تحولت الى ثقافة لاجبار السائح على الشراء داخل الاسواق . كذالك قطاع النقل التاكسي فالسياحة ليست بحرا وشمسا فقط بل منظومة كاملة.. وانتعاشة الموسم معناها انتعاشة للدورة الاقتصادية بالولاية حتى شركات الهاتف وشركة الكهرباء وتوزيع المياه مرورا بالباعة والتجار.. فهي دورة كاملة .
انتعاشة ولكن...
انتعاشة نعم.. العجلة الاقتصادية اشتغلت نعم لكن؟ هكذا استهل السيد دريّد البحري كلامه معتبرا ان الموسم الحالي تقلّص الى ثلاثة أسابيع بالنسبة للتونسي اعتبارا لشهر رمضان الذي ينتصف شهري جويلية وأوت وإن هذه الفترة شهدت ارتفاعا للاسعار أضرّ بجيب التونسي مضيفا «أنا موظّف سام وزوجتي كذلك ولي طفلان لم نتمكن كأسرة الا من الحصول على اسبوع واحد في نزل من فئة اربعة نجوم عن طريق وكالة يمتلكها صديق اي اننا محظوظون بتكلفة 300 دينار لليلة الواحدة مع نصف اقامة فالاسعار أراها من نار لا تستجيب لوضعية التونسي ذي الدخل المحترم . لكن هذا لا يمنع بكوني سعيدا لهذا الاكتظاظ في النزل فهذا دليل على ان عجلة الاقتصاد عادت لتعمل وان الوضعية الامنية سليمة وبالتالي ستعود الفائدة على الجميع .
إني كنت متخوفا مثل غيري من الاحداث التي عصفت بأمننا وجعلتنا نشك اصلا في ان يكون لنا موسم سياحي لكن الحمد الله .