لا حديث يوم السبت في منزل بورقيبة الا عن الجريمة الفظيعة التي راح ضحيتها «هشام شعيب» الذي طعنه شقيقه في مناسبتين على مستوى القلب مما عجل بوفاته. «الشروق» تحولت مساء الأحد إلى مقر سكنى عائلة شعيب، وكانت عديد الأسئلة تطرح نفسها لعل اهمها كيف لعائلة فقدت اثنين من أبنائها في نفس اليوم أن تستوعب ما حصل؟ وكيف لأفرادها أن يجمعوا شتات أفكارهم ليعيدوا ترتيب مراحل الحادثة الأليمة التي اهتز لبشاعتها من سمعها؟ مسكن العائلة متواضع وينقسم إلى جزاين جزء تسكنه الأم وابنها القتيل هشام وزوجته وجزء ثان يسكنه القاتل بمفرده وهو عبارة عن غرفة واحدة ذات مساحة شاسعة، ويوجد هذا المسكن ببداية نهج «هلال الفرشيشي» على يسار المتجه نحو مقبرة سيدي رزيق ولا يبعد أكثر من كيلومترين عن وسط مدينة منزل بورقيبة... وجدنا بعض الأقارب يجلسون على كراس بلاستيكية بيضاء وبعد تقديم التعازي لهم في مصابهم استأذنا في الحديث عن الواقعة من بعض المقربين من القاتل والقتيل فربطوا لنا الصلة مع الشقيق الأكبر لهشام الذي رفض الافصاح عن اسمه لكنه لم يرفض الحديث عما حصل.
في بداية حديثه أكد أنه أكبر أخوته (43 عاما) والقاتل عمره (42 عاما) أما القتيل هشام فسنه 40 عاما وتتركب العائلة من الأشقاء الثلاثة اضافة إلى الأم التي تشكو من عديد الأمراض أما الوالد فهو متوفى ويواصل الشقيق الأكبر للقتيل والقاتل قائلا إن هذا الأخير كان يختلق المشاكل ولا يتورع عن شتم والدته في أكثر من مناسبة وقد اشتكته عديد المرات إلى مراكز الأمن، كما أنه أي الشقيق الأكبر لم يكن بمنأى عن استفزازات القاتل الذي سبب له عديد المشاكل وحاول الصاق تهم به مما اضطره إلى مغادرة المنزل الذي شيده فوق منزل العائلة والاستقرار بمدينة عبد الرحمان التي تبعد عن منزل بورقيبة حوالي عشرين كيلومترا.
ويضيف الشقيق الأكبر أن شقيقه الأوسط كان يغار منه ومن القتيل وقد صرح بذلك ذات يوم حين قال : «كل منكما تزوج وله عائلة وتلقيان حظوة خاصة من أمي وأنا لا يلتفت لي أحد» ويتساءل الشقيق الأكبر: «باللّه عليكم كيف يمكن لأم أن تعطف على ابنها الذي لا يتورع في وصفها بأبشع النعوت؟
ماذا حصل يوم الحادثة؟
يقول الشقيق الأكبر الذي أوردنا سابقا أنه يقطن بعيدا عن منزل العائلة إنه حسب رواية الأم وزوجة شقيقه القتيل بأن شقيقه الأوسط القاتل دخل في مناوشة مع والدته حوالي التاسعة والنصف صباحا و اسمعها كلاما جارحا فما كان من القتيل الا أن نهاه عن ذلك... وساعتها استشاط غضبا وطلب منه الخروج اليه خارج المنزل ففعل ذلك ولم يكن يتصور ان شقيقه سيقدم على ما فعله فما ان اقترب منه حتى سدد له طعنتين على مستوى القلب بواسطة سكين اخفاه بين طيات ثيابه فسقط يتألم والدماء تنزف بغزارة ولم يتوقف القاتل عند ذلك بل واصل تعنيفه بقضيب حديدي على مستوى أصابع الرجل مما تسبب له في كسور وتركه على تلك الحال ودخل غرفته وأخفى اداة الجريمة ثم قام بجرح بطنه ويده للإيهام أنه تعرض للعنف وأخذ حقيبة صغيرة ووضع بها سكينا ثم تسلل من الناحية الخلفية للمنزل.
القتيل بقي 20 دقيقة دون إسعاف
الحادثة تمت أمام منزل العائلة بنهج هلال الفرشيشي والقتيل بقي ينزف دما قرابة العشرين دقيقة ولا أحد من المارة تحركت في نفسه ذرة انسانية وحاول ايصال الضحية إلى المستشفى حسب قول الشقيق الأكبر وبعد ذلك حلت سيارة الحماية المدنية وقامت بإيصال الشقيق الأصغر إلى المستشفى الذي بمجرد الوصول اليه لفظ أنفاسه الأخيرة.
القاتل ظل يراقب الوضع عن بعد
الشقيق الأوسط وبعد ما قام بفعلته امتطى سيارة تاكسي وظل يراقب الوضع عن بعد الى أن تناهى إلى مسامعه أن شقيقه توفي عندئذ اتصل ببعض معارفه الذين زودهم بمادة «الزطلة» والحقن وطلب منهم توفير المال له وبما أنه كان ينوي مغادرة أرض الوطن على حد قول شقيقه الأكبر وحاول الاقتراب من المنزل لأخذ دفتر الادخار أو جواز السفر الا أنه لم يتمكن من ذلك بعد أن تفطن إليه الاجوار اثر ذلك توجه إلى مقهى بالمدينة واحتسى قهوة قبل أن يتم القبض عليه حوالي الساعة الواحدة والنصف.
الزوجة : منية الطياشي (36 عاما) : «حسبي الله ونعم الوكيل» تقول منية التي لم يمض على زواجها بهشام أكثر من ثلاثة أشهر أن زوجها يشتغل ببيع الأكياسالبلاستيكية لباعة الخضر وهو طيب المعشر بشهادة الجميع يؤدي صلواته في أوقاتها بالمسجد... كان شديد الفرح الأسبوع الفارط حين اكتشف أنها حامل وراح يقدم «المبروك» للعائلة وتضيف انها ذهلت لما حدث وأكدت أن ثقتها في الله كبيرة ولا يسعها الا أن تقول حسبي الله ونعم الوكيل.
سكاكين ومواد مخدرة بغرفة القاتل
بعد القبض عليه تم بحضور ممثل النيابة العمومية اقتحام غرفة القاتل حيث وجدت اداة الجريمة مختفية في بعض الزوايا اضافة إلى سكاكين ومواد مخدرة وحقن.