قوله تعالى: {وَأَذَان منَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ اِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}.. (التوبة : 3) الأذان يعني: الايذان والاعلام، فالآية أمر للمسلمين بأن يؤْذِنوا المشركين ويُعلموهم، بأن الله بريء من كل من أشرك به، وأعرض عن منهج نبيه، ولم يرض الاسلام دينًا ومنهجًا للحياة. والمقصود ب {النَّاسِ} في الآية المؤمنين وغيرهم؛ لأن العلم بهذا النداء يهم الناس جميعًا. وفي تعيين المراد ب {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} أقوال للعلماء، أقربها الى الصواب قول من قال: انه يوم النحر. وهذا الأذان قد وقع في الحجة التي حجها أبوبكر رضي الله عنه بالناس، اذ أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه يأمره أن يؤذن في الناس بسورة براءة، فأذَّن بها عليٌّ يوم النحر بمنى، من أولها الى ثلاثين أوأربعين آية، كما ثبت في الصحاح، وكتب السنن من طرق مختلفة. ففي البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثني أبوبكر رضي الله في تلك الحجة في المؤذنين، بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان... ثم أردف - أي أتبع - النبي صلى الله عليه وسلم ب(علي بن أبي طالب)، فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبوهريرة: فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان). وفي رواية أخرى للبخاري عن أبي هريرة، قال: (فنبذ أبوبكر أي رد عليهم عهدهم في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك).