صناعة الكعك صناعة موسمية بمدينة قليبية فهي متميّزة كبرجها الذي منه استمدت المدينة هذه العادة وإن كان لا علاقة بين المعمار والأكل ويمكن طرح فرضية فقط في تصور البرج كدائرة وخبز الطابونة كدائرة أيضا فجاء الكعك صورة مع فارق طبعا لتلك الأسطورة الخيالية فوقع تخليدها في تاريخها الخاص والعام لدى جميع الأسر حتى وصل العاصمة بالشراء طبعا لا بالممارسة والتصنيع وصارت العائلات التي تذوقته أو سمعت به أو لها قرابة جوار بأسرة أصيلةقليبية تبحث عن شراء الكعك من بعض العائلات التي استجابت لرغبة الآخرين فصنعته من أجل المتاجرة مهما يكن الثمن المطلوب لما في هذا العك من رائحة ونكهة ومنظر وصبر على البقاء طويلا لا تضاهيها نكهة كعك الورقة الأندلسي الأصيل الذي مع الأسف يفسد طعمه بتقادم الزمن وليس الأصل كالفرع. فبعد موسم الحصاد وجني الحبوب تتخيّر الأسر العارفة نوعية حبوب الفرينة الجيدة الناصعة، سواء من عند الفلاحين رأسا حسب شتلة معينة أو من الأسواق الأسبوعية حيث يتكاثر العرض والطلب.
خلال حرارة الصيف تعرض حبوب الفرينة على الشمس لمزيد تجفيفها ثم تخزن في انتظار شهر شعبان حيث تخرج من جديد من مخابئها لتعرض على الشمس ويستحسن أن تكون الريح (بحاري) لتجفيفها لأيام ثم تحمل (للرحي) فالغربة وإخراج دقيق الفريقنة الصافي يصحب هذا الإعداد البحث عن التمر الجيد والسمن العربي (قد نشتري الزبدة لتحويلها إلى سمن دياري صناعي) وشوش الورد والزعفران وعود القرنفل وماء الورد ثم الحطب وأجوده حطب الإكليل والزيتون وأعواد العنب. يحدث هذا وأيام رمضان تزحف على العائلات والمنازل لتحويلها إلى خلايا بشرية ضاحكة متحركة باسمة، ساهرة لما بعد منتصف الليل البعض يتنقل بين منزل وآخر للاشتراك في هذه (اللمة) الموسمية التلقائية إنها فرحة رمضان وفرحة الكعك الرمز الحضاري لقليبية على الدوام.