تختلف الإستعدادات لإستقبال شهر رمضان المبارك وذلك حسب خصوصية كل جهة لإستقبال هذا الشهر الذي ظلّ محافظا على طابعه الخاص في أغلب الجهات، كما يتميز بنكهة خاصة لدى العديد من العائلات التي تصّر على الحفاظ على عاداتها وتقاليدها حيث تبدأ الإستعدادات لشهر رمضان قبل حلوله بأيام عديدة وعادة ما تنشط الاسواق وتعرف حركية كبرى خلال هذا الشهر فكيف تحتفل كل جهة بهذا الشهر الكريم «شهر البركة والأفراح» هكذا استهلت الحاجة «سعاد الداعاجي» أصيلةتونس العاصمة حديثها عن هذا الشهر حيث تقول : «من العادات التي دأبنا عليها خلال هذا الشهر الكريم منذ ليلة دخوله التي يطلق عليها : «ليلة القرش» هي إعداد ما لذّ وطاب من الحلويات كما نقوم بإعداد طبق الرفيسة أو المدموجة في كل البيوت ثم يأتي دور الحساء والاطباق الاساسية الاخرى (مرقة الجلبانة، اللوبيا والطواجن بمختلف أنواعها). أمّا السلطة فلها أنواع كثيرة. وتضيف محدثتنا : « من الحلويات التقليدية التي تعرف بها بلادنا في شهر رمضان أساسا هي (الزلابية والمخارق ووذنين القاضي) وهي من مشتقات القمح والعسل والجلجلان». وتذهب بعض العائلات التونسية الى الإقبال على المنتجات (الدياري) لكونها تعود الى عادات الاجداد وتقاليدهم مثل الخبز العربي «الطابونة» والدجاج العربي والحليب الطازج والاجبان والريقوتة. وتختم السيدة سعاد القول : «إنه من مميزات هذا الشهر هو إقامة مراسم الخطبة بالنسبة للفتيات وإحضار «الموسم» للمخطوبات والختان بالنسبة للأطفال وما يصاحب هذه المناسبات من سهرات دينية عادة ما تحييها فرق السلامية. صحفة الدرع قبل الشربة يأخذ شهر رمضان في مناطق الشمال الغربي نكهة مميزة وتقول في هذا السياق الآنسة يسرى الربيعي أصيلة منطقة الدهماني (ولاية الكاف) أنه من عادات بعض المناطق الريفية التابعة لولاية الكاف تناول «صحفة الدرع» قبل الشربة وقبل حتى شرب الماء وتضيف أن «صحفة الدرع» تمثّل وجبة رئيسية لا يتنازل عنها أهالي المنطقة كما تحضر لدى أهالي الشمال الغربي «العصيدة بالدقيق والعسل والسمن» التي تمثل طبقا هاما خلال هذا الشهر وتضيف الآنسة يسر: « أن «المدفع» في منطقة الدهماني ظلّ محافظا على خصوصيته حيث يضرب «المدفع» ثلاث ضربات قبل الليلة الفاصلة عن شهر رمضان، هذه الضربات يسمعها كل الاهالي والهدف منها هو الاعلام بحلول أول يوم من أيام شهر رمضان ليتّم ذلك قبل ليلة فقط وتتالى ضربات المدفع كلّ ليلة قبل حلول الافطار حيث تنتظر العائلات صوت المدفع(ضربة واحدة) لتناول الافطار. وتضيف محدثتنا أنه من مميزات هذا الشهر في مناطق الشمال الغربي تبادل الزيارات كل ليلة حيث يتجمّع نفر كبير من الاقارب والجيران كلّ ليلة في إحدى المنازل وتتخلّل هذه السهريات أجواء خاصة لتناول الحلويات وشرب الشاي والقهوة. «التشيش والبرغل والقرنيط الشايح» طبقنا الرئيسي يعيش أهالي صفاقس أجواء وإستعدادات خاصة لإستقبال هذا الحدث وتقول في هذا السياق الآنسة قمر : أن الاسر الصفاقسية تبدأ إستقبال هذا الحدث ب«العولة» حيث تسهر كل العائلات قبل حلول هذا الشهر على التزوّد بالعولة لسدّ حاجياتها خلال هذا الشهر ومن أبرز الاستعدادات التي لا يخلو بيت منها في جهة صفاقس هي إعداد التشيش والبرغل . وتضيف الآنسة قمر أن التمر المحشو بالشامية أو الزبدة أو الشكلاطة هو أول شيء تستهل به الأسر الصفاقسية طبقها وعادة ما يقع تناول التمر مع الحليب ثم تأتي الشربة في مرحلة ثانية وعادة وفي أغلب الاحيان يقع إعداد الشربة «بالقرنيط الشايح» الذي يمثّل طبقا رئيسيا في هذا الشهر حيث يقع التنويع بين الشربة والتشيش والبرغل التي يتّم إعدادها في أغلب الاحيان «بالقرنيط الشايح». ومن شربة «القرنيط الشايح» ننتقل الى شربة الحوت حيث يعتمد أهالي بنزرت وخاصة بمنزل عبد الرحمان على تخزين كميات كبيرة من الحوت لإعداده في الشربة وتحافظ البسيسة في جهة بنزرت على طابعها المميز حيث لا يكاد يخلو بيت في هذه الجهة من تخزين كميات كبيرة من البسيسة. وتقول في هذا السياق الآنسة نادية الزيتوني (مقيمة ببنزرت) أن البسيسة يقع تقديمها مع الاذان قبل كلّ شيء كما حافظ طبق «المسفوف» على طابعه في هذه الجهة حيث يقع تناوله في السحور ويقع تحضير الكسكسي بالمسفوف إمّا بالحليب أو تفوير الكسكسي وإضافة زيت الزيتون والدقلة والعنب والتمر وبعض الفواكه لمن أراد. عائلات تؤثث منازلها وتجدّد أواني الطعام في الساحل يأخذ شهر رمضان طابعا مختلفا حيث تستعد بعض العائلات الى لاستقبال هذا الحدث بعادة تجديد أواني الطعام وذلك بشراء أواني جديدة ويقع قبل حلول هذا الشهر إعادة تأثيث المنزل وطلي جدرانه وتغيير الديكور لإستقبال هذا الحدث وتشتهر الجهات الساحلية بصناعة الفطائر بالزبيب كما تحافظ الاكلة العربي على طابعها الخاص في الساحل حيث يتزوّد أهالي الساحل بإعداد المؤونة لهذا الشهر وذلك من خلال إعداد الحلالم وهي تتكوّن من «السميد الدقيق والماء الدافىء والملح» ويقع تسييحها وطبخها ويتّم تخزين حبات كبيرة من المثلوث وإعداد العولة (الكسكسي والتوابل والهروس) ومن مميزات أهالي الساحل في الاستعداد لشهر رمضان إعداد «الزيتون المالح» وتحضير الهروس والتوابل. من مميزات الاستعدادات لإستقبال شهر رمضان في مدينة بن قردان هي مبادرة النسوة بإخراج الأواني النحاسية «لجليها» وتنظيفها وإقتناء أواني جديدة إحتفاءا بهذا الشهر الجليل. وتقول الآنسة بلقيس في هذا الصدد أصيلة الجهة أنه يتّم إقتناء التوابل والبهارات مثل الكركم والبزار وإعداد معجون الفلفل (هو نوع من الهريسة العربي) تتميّز بها منطقة بن قردان والجنوب الشرقي بصفة عامة كما تتولى النسوة إعداد «السويڤة» (وهي من أنواع البسيسة) التي تخصص لإعداد الشربة يقع تناولها بالماء البارد والسكر عند الافطار ويعتبر الكسكسي بلحم العلوش والقعود الطبق الرئيسي على مائدة الافطار إضافة الى الشربة والبريك وأنواع السلطات. أمّا خلال السهرة فتتنارل الأسر الكريمة وأنواع الحلويات المختلفة، أمّا في ما يخص وجبة السحور فتقول الآنسة بلقيس أنها تتميّز بإعداد أكلة «العيش» (عصيدة بالحلبة والسكر وزيت الزيتون) ويقع تناولها أثناء وجبة السحور. وقبل موعد آذان المغرب يتجمّع الصبية لانتظار الآذان وصوت مدفع الافطار ويتجمّع الصغار هاتفين «الفطر حال - حال« تعبيرا منهم عن فرحتهم بعد إنتهاء يوم كامل من الصيام. الدردورة والمسفوف الجربي في كل البيوت تقول السيدة أمال (أصيلة منطقة جربة) ومقيمة بتونس أنه من مميزات هذا الشهر إعداد المسفوف الجربي ويتكوّن من المعدنوس والفلفل الحال والوزف وهو الطبق الرئيسي. وتضيف محدثتنا أن «الدردورة» (بسيسة أو شربة) يقع تناولها قبل الإفطار أو الدرع كما تمثّل العصيدة طبقا رئيسيا على مائدة الافطار بمنطقة جربة وتتكوّن هذه العصيدة إمّا من الشكشوكة أو من الشحم أو بالقديد أمّا السحور فيقع تناول الزميطة التي يقع إعدادها (بالبصل والفلفل). لئن اختلفت موائد الافطار التونسية وإستعدادت الأسر لاستقبال هذا الحدث فإن شهر رمضان يبقى شهرا مميّزا على مستويات عديدة حيث تنشط الاسواق وتتلألأ المصابيح وتدّب حركة غير عادية حتى في ساعات متأخرة من الليل