تعيش مختلف المعتمديات بكامل الشمال الغربي هذه الأيام على وقع حرائق أتت على مساحات شاسعة من الأراضي المحصودة والغابات المجاورة لها.. حرائق ساهمت في اندلاعها درجات الحرارة التي اجتازت المألوف في ارتفاعها وساهمت في تأجيجها الرياح.. ووسط هذا المشهد لا يمكن أن نمر دون تحية إكبار وتقدير لمن يصارعون النيران ليلا نهارا ووقت السحور وعند الإفطار لإخماد هذه النيران والخروج من كل المواجهات بأخف الأضرار والمقصودون طبعا أعوان الحماية المدنية وقوات الجيش الوطني ورجال الإطفاء التابعون لإدارة الغابات . الغريب في تتالي هذه الحرائق واختلاف نقاط اندلاعها وتباعدها أن الفاعل يظل على الدوام مجهولا ليسجل الحريق ضد سيجارة طائشة يستحيل تحديد صاحبها أو ضد قطعة من زجاج عانقت أشعة الشمس طويلا فأنجبت نارا. وطبعا لا يمكننا تحديد هوية من ألقى بقارورة «جعة» أو خمرة على قارعة الطريق في لحظات طيش. والفظيع في الأمر أن يكون أمر الحرائق مدبرا بفعل فاعل بعد أمر آمر فأكثر من تونسي احترق جسدا أو قلبا يوم 14 جانفي من أجل أن تضيء تونس ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجد بعد الثورة تونسيين يحرقون تونس من أجل إضاءة سبلهم أو نكالة في من سلبهم الحكم والقيادة. الجميل في تونس أن لها رجالا لا يزالون يطفئون الحرائق ويخمدون النيران على حساب أجسادهم وأرواحهم وأولادهم وينجحون ..الأفظع من إشعال النيران في الغابات والمزارع من يشعل نار الفتنة في البلاد بين العباد باسم الثورة والديمقراطية والانتماءات الفكرية والحزبية الضيقة ومن نار الفتنة «يولع « سيجارته ويظل يراقب اللهب ليؤججه كلما مال إلى الانطفاء.. فما يحصل بين الحكومة المؤقتة واتحاد الشغل...وبين الحكومة والمعارضة لا يقل حرقة عما تخلفه الحرائق بغابات البلاد وجبالها.وتماما مثل نيران الغابات فإن نيران الفتنة في البلاد تحتاج إلى رجال إطفاء أكفاء يعلمون الناس أبجديات الانتماء الى هذه الأرض الطيبة والحفاظ على خيراتها وثرواتها . مشهد النيران والحرائق يبث الرعب ويثيرالاشمئزاز وهو ما تركب عليه أطراف لتسويقه في الأذهان من أجل تسجيل نقطة إضافية في سلة الحكومة الحالية.. وخروج الشمال الغربي من هذه الحرائق بصفر ضحايا بشرية وحيوانية ومخزونات ومنتوجات غذائية في حد ذاته نقطة إيجابية في رصيد كل تونسي يريد الخير للعباد والبلاد .