بعد الإفطار بدقائق تمتلئ المقاهي التي تعج بها مدينة جندوبة بالكامل فلا تكاد تجد مكانا شاغرا ويتواصل توافد الحرفاء بلا هوادة حتى موعد الإمساك ولكن الغريب في المسألة هو ما أصبحت تعيشه المقاهي من حالة فوضى. أولا لا بد من التأكيد على أن ظاهرة غزو المقاهي للأرصفة والمساحات الخضراء لا تقتصر على مدينة جندوبة فحسب فهي ظاهرة عامة. فالكراسي والطاولات بما تحمله من مشروبات وحرفاء وألعاب ورق احتلت الأرصفة مداخل بعض الإدارات داخل المدينة وخاصة المقاهي العربي مما خلق فوضى وتعطيلا لحركة المرور وسط المدينة. أما تلك التي توجد على الطرقات الرئيسية فقد احتلت كراسيها المساحات الخضراء في مشهد لم تألفه المدينة من قبل.
هذا الغزو سألت عنه «الشروق» عدد من أصحاب المقاهي فأكدوا أنه ظرفي فرضته الحرارة المرتفعة للطقس وحاجة الحريف لمكان يوفر القليل من النسائم وهو نفس ما أكده عدد من الحرفاء حين قالوا : أين سنذهب فأماكن الترفيه مفقودة والمقاهي بالداخل شديدة الحرارة وليس للحريف من خيار سوى الرصيف أو المساحات الخضراء.
إذا كانت عملية احتلال الأرصفة والمساحات الخضراء عادت بالنفع المعنوي على الأقل للحرفاء وأصحاب المقاهي فإنها أضرت بالعائلات التي كانت تتخذ من هذه المساحات ملاذا للسهر وقضاء بعض الوقت ولكن وجدت نفسها مجبرة على تغيير الوجهة والتنازل عن هذا الحق, وقد أكدت عدة عائلات أن احتلال المساحات الخضراء أصبحت سلوك يومي ولم يعد يحترم الواحد حرية الآخر فأين الرقابة وأين احترام كراس الشروط لقد رمي بها عرض الحائط وأصبح كل شيء لا يفكر سوى في نفسه متناسين أن المساحات الخضراء والأرصفة جعلت لأغراض أخرى.
الوضع والفوضى التي أصبحت عليها المدن بجهة جندوبة سببها الغياب التام لدور الرقابة البلدية التي من المفروض أن تقوم بجولة ليلية والتنبيه على المخالفين أولا ثم تطبيق القانون في صورة الامتناع عن التجاوب مع التراتيب والإجراءات لأن القانون وراحة المواطن تبقى فوق كل اعتبار ناهيك أن الوضع أصبح يقلق الجميع وانتشرت الفوضى بشكل كبير.
الوضع الذي سببه غزو المقاهي للأرصفة والمساحات الخضراء والحدائق العمومية يتطلب تدخلا من نوع خاص يبدأ أولا بالاقتناع بأن هذه الأماكن هي ملك للمجموعة وليس لأحد الحق في التصرف فيها والوعي بذلك يثني المواطن كما صاحب المقهى عن مواصلة تجاوز الصلوحيات والتدخل الثاني يتمثل في فرض رقابة بلدية لمنع هذه الظاهرة والأمل كل الأمل أن تكون ظرفية تنتهي مع انقضاء شهر رمضان والصيف لتعود للمساحات الخضراء هيبتها وتعود الأرصفة لتستقبل المارة.