بقطع النظر عن أزمة المياه التي تعيشها عدة مناطق من ولاية المهدية، فإن الموارد المائية بالجهة أصلا تعتبر محدودة للغاية، كما تتميز بارتفاع درجة ملوحة مياه الآبار الفلاحية التي حدت من إمكانية تنويع الزراعات وتطوير الإنتاج والإنتاجية. تكثف الطلب على المياه بجهة المهدية خاصة بعد تزويد المناطق الريفية بالماء الصالح للشرب حسب مندوبية الفلاحة لحوالي3263 منتفعا بكلفة ناهزت ثلاثة مليارات و856 ألف دينار، والتوسع في المناطق المرويّة، ومواصلة تجهيزها بمعدات الاقتصاد في مياه الري، واستصلاح وتعصير المناطق السقوية المتقادمة خاصة بمعتمدية سيدي علوان وشربان وأولاد الشامخ والمحارزة، وإحداث مناطق سقوية جديدة بهبيرة والسلاطنة بأولاد الشامخ وأولاد مولاهم بالسواسي . ومما زاد الأمر تعقيدا تلك البناءات الفوضوية التي رافقت الثورة ففرضت واقعا أجبرت الدولة على الاستجابة لمطالبهم بالتزود بالماء الصالح للشراب دون دراسات فنية واستعدادات لوجستيكية.
ومع تزايد الطلب على المياه بمدينة المهدية في فصل الصيف حيث يتضاعف عدد السكان حوالي 4 مرات مع دخول موسم السياحة إلى ذروته، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الزراعات الملتهمة مثل الطماطم والبطاطا التي تعتبر مدينة المهدية من أهم منتجيها على المستوى الوطني فإنه يتحتم على الجهات المسؤولة التفكير جديا في إيجاد الحلول الجذرية المناسبة والأقل كلفة لأزمة المياه بالجهة، ولدعم المخزون المائي وضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.
فوضعية الموارد المائية بالجهة حرجة إذ أن أغلب المياه متوفرة بطريقة الجلب ( مياه الشمال أو من مياه الوسط نبهانة الذي يشع على أربع ولايات القيروان والمهدية وسوسة والمنستير)، هذه الإشكاليات المتفاقمة وغيرها وفي نطاق المشاريع ذات الأولوية المقترحة من المندوبية الفلاحية ضمن الميزانية التكميلية لسنة 2012 والمقدرة بأكثر من 8 ملايين دينار كحلّ يستجيب لطلبات المواطنين والواقع الميداني من بينها إحداث بئر عميقة «بشيبة» المهدية لتدعيم الريّ بمنطقتي «هيبون» و«شيبة»، وإحداث وتجهيز بئر عميقة بسيدي عبد العزيز، وإحداث بئر استكشافية «أولاد خير الدين» بشربان، وإحداث بئر استكشافية بقصور الساف.
هذه الإجراءات تبدو غير كافية مما يحتم تكثيف المجهودات في مجال تنمية الموارد المائية البديلة كتحلية مياه البحر والتي خصصت الدولة مبلغ 120 مليون دينار لهذا المشروع بطاقة 50 ألف م3/اليوم، علما وأن بعض النزل تستعمل هده التقنية في حدود نشاطها مثبتة نجاعتها أو استعمال المياه المعالجة وتحلية مياه الآبار المالحة في الأغراض الزراعية بنسبة 60 بالمائة والأغراض الصناعية بنسبة 30 بالمائة وأغراض أخرى كتغدية المياه الجوفية .
هذا الحل الأخير يلاقي قبولا ملحوظا في الآونة الأخيرة كنتيجة لتقدم العلم في مجال الكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الدقيقة وزيادة المعرفة بتأثيرات الملوثات على البيئة. إلى جانب استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة الذي يساهم في المحافظة على احتياطي المياه، حيث أن استعمالها في الزراعة أو أي استعمالات أخرى بدلا عن المياه الصالحة للشرب يساهم في توسيع المساحات الزراعية لإنتاج محاصيل متنوعة وبسعر أقل كما يؤدي إلى التخفيض من التكاليف المتعلقة بإنتاج واستيراد واستعمال الأسمدة بسبب وجود العناصر الضرورية للنبات في تلك المياه، والتقليل من تكاليف الحصول على المياه في الزراعة إذا كانت مصادر تلك المياه جوفية، كما يمكن استخدام المياه المعالجة في المرافق الترفيهية مثل المياه المستعملة للسباحة.
فالتقنيات والخبرات المتوفرة لدى بعض الشركات العالمية والتي قدمت إلى المهدية لتعرض إمكانياتها المتقدمة للمساعدة على استنباط الحلول للنقص المائي ودرجة ارتفاع ملوحة مياه الري وتملّح التربة التي تعاني منها أغلب المناطق السقوية والمؤثرات السلبية للبيئة البحرية جراء مشاريع تربية الأسماك بالأحواض العائمة والأقفاص بشواطئ المهدية وسلقطة وقصور الساف والشابة قد تساهم ولو بنسب متفاوتة في توفير الحلول لأزمة المياه بالجهة.