وأصبحنا نفكر في من سيخلف القمودي... وذلك بحكم النتائج التي كان قد سجلها منذ عام 68 الى عام 71 فهي لم تكن نتائج ايجابية مائة في المائة وزادتها دورة ازمير تصديقا بانسحابه في مسابقة العشرة آلاف متر وحصوله على المرتبة الثانية في مسابقة الخمسة آلاف متر 13د40ث5أ. وما كان من أمر القمودي وخاصة بعد أن أبتعد عن التحضيرات التي كان يقوم بها في الخارج في مختلف الاماكن، ورغم هذا فإنه لم يتوان في فترة ما، من بذل اقصى جهوده كمحافظة على البطولة العالمية العسكرية في سباق المضمار منذ سنة 1962 الى 1971 لكن القمودي راى في تلك الادعاءات بقولهم (ان القمودي انتهى) بمثابة الطعن في كفاءته فثار على كل شيء وأصبح يقطع زهاء 30 كلم يوما...فتراه بزيه الرياضي صباحا مساء وهو يعدو في ساحة ثكنة باردو او خارجها في الطرقات المعبدة وغير المعبدة لانه يريد أن تكون (تعليقة الصباط) كما يقولون، عندما يريد هو لا عندما يريدون، أو بعبارة أوضح وكما يقولها ويرددها : «انا ادري الناس بامكانياتي» وتوالت التحضيرات في انتظار اليوم الموعود، يوم طالما كنا في أشد اللهفة اليه منذ دورة مكسيكو، وان ضعف امل بعضهم للنتيجة المزمع تحقيقها فإن القمودي رغم ما شعر به من حدة في هذا السباق وصعوبة فانه كان كعادته متفائلا... هدفه الوحيد (سماع النشيد الرسمي التونسي) يعزف وبفخر في مثل هذه اللقاءات. فخاض القمودي دورات التصفية بعزيمة وثبات ولسان حاله يقول : «ان الايمان بالشيء يحقق وجوده» وشارك في مسابقات التصفية لمسافة (10.000متر) وكان ترتيبه الأول في مجموعة وقطع المسافة في (27 دقيقة و 54 ثانية و 8 اعشار) أمام كل من الاسباني مربانو هارو (27د56ث5ع) والامريكي فرانك شورت (27د58ث2ع) وعمت الفرحة وطفحت الوجوه بشرا...لكنها فرحة لم تدم وعادت الوجوه الى العبوس، وحزت في القلب حسرة وفي العين دمعة حين شاهدنا (املنا) في مونيخ يتعثر في العداء الفنلندي «فيران» الذي عرقل من طرف العداء البلجيكي «بوتمانس»...ويتخلى عن السباق متالما...لكن الذي عودنا «حلو الايام» مادام يرى ان في امكانياته تحقيق شيء فهو لن يتوانى عن ذلك.